عندما تصل وجبات الغداء للمدارس اليابانية عن طريق الشاحنات المخصصة لذلك، ينقسم الطلبة إلى عمال ومنظمين ومقدمي طعام (نُدُل)، العمال يجلبون الطعام من شاحنات الأكل، المنظمون ينظمون الفصل بنقل الطاولات والكراسي استعدادا للطعام، ويعيدون ترتيبه بعد الانتهاء منه، النُدُل يقومون بتقديم الطعام وخدمة الطلبة، وتتغير مهام الطلاب بشكل دوري.
طريقة أخرى لزرع نفس الروح بالطلبة اليابانيين، وهي تنظيف الطلاب لمدرستهم بشكل يومي، وتنظيف دقيق لكل شيء بشكل أسبوعي أوشهري، ولهذا الفعل قيمة تربوية عظيمة، يشعر فيها الطالب بأنه جزء من المدرسة، وتنمي روح التعاون الجماعي وروح المسؤولية وعدم الاعتقاد وضاعة الأعمال مهما كانت، وعدم تخريب مدرسته.
وهاتان الطريقتان وغيرهما على حسب علمي غير موجودة بالدول التي لديها وفرة مالية غير اليابان، وهذه الطرق تزرع في الطالب حب مدرسته والانتماء لها والثقة والمسؤولية، ومن ناحية أخرى توفر ميزانية ضخمة جدا على وزارة الثقافة اليابانية، فيستطيعون أن يضخـوا هذه الميزانية بزيادة رواتب المعلمين وتطوير التعليم في اليابان.
من ناحية أخرى، توجد أهداف للمناهج الدراسية اليابانية، يتم على أساسها بناء كل مناهج المواد التعليمية اليابانية، فتجد أن منهج اللغة اليابانية يستخدم الكلمات التي سيدرسها الطالب بعد أسبوع في منهج العلوم مثلا ويغرس نفس الأفكار، وهناك ثلاثة أفكار رئيسية تهدف وزارة الثقافة اليابانية لزراعتها في الطلبة، الفكرة الأولى هي زرع الثقافة اليابانية والأفكار البناءة في الجيل القادم، الثانية هي تجهيز كوادر على درجة عالية من الجودة على حسب احتياجات سوق العمل، أما الثالثة فهي إعداد الطلاب على درجة عالية من المعرفة تمكنهم من اختيار الامتحانات والانتقال لدرجات أعلى.
تتميز المناهج اليابانية بأنها توجيهية النزعة مقارنة بالأميركية مثلا، فلا يوجد إلا القليل من المواد الاختيارية، يتم خلالها إجبار الطالب على تعلم معلومات وأفكار معينة بطريقة علمية مبسطة، ومعروف أن العامل المهم الذي نزع اليابان من أنياب المجاعة بعد خسارة الحرب العالمية هو مناهجها وتعليمها، والمدارس اليابانية قليلة فيها الأنشطة الجماعية، بعكس مدارس أميركا، وقد يكون هذا من الأسباب المهمة التي تجعل من الأميركي اجتماعيا جدا مقارنة بالياباني، وهذا ينعكس على المجتمع.
ولا يــمكن نسيان دور الأهل في العمليتين التربوية والعلمية اليابانية وخاصة الأم التي كثيرا ما تضحي بعملها في سبيل تربية أبنائها، وهي المعلم الأول التي تنتج أطفــالا على جودة عالية من التربية والعلم، والأسر اليابانية تجتمع مع المدرسة طوال فترة الدراسة، ويتحدثون بتفاصيل التفاصيل، وتعلم المدرسة الأهل كيفية تجهيز مكان للطالب داخل البيت ونوعية الطاولات والحقائب المناسبة.