عندما يأتي ذكر الذكاء في الصين، يبرز اسم القائد والمخطط الاستراتيجي تشوغ ليانغ، فعلى الرغم من كثرة العقول المفكرة والفلاسفة في الثقافة الصينية إلا أنه فاز بأنه أذكى شخص في عقول الصينيين، فحوادثه التي تدل على الذكاء كثيرة لكن ما يلفت النظر فيها هي قصته عندما كان رئيس وزراء مملكة شو، وأرادت مملكة وأي الواقعة في الشمال المتحالفة مع بلاد البربر الواقعة في جنوب مملكة شو الهجوم على صاحبنا الذكي الذي فكر بأنه لن يستطيع أن ينتصر بالحرب إلا بعد استمالة البربر وكسب ولائهم، وذلك لأن أي حرب تقع في الشمال سيهجم عليه البربر من الجنوب.
هزيمة البربر بالنسبة له سهلة لكن كسب ولائهم مستحيل، فلما حشد على بلادهم قال له أحد مستشاريه: الأفضل لك أن تغزو القلوب وليس المدن، فرد عليه: كأنك تقرأ أفكاري، فدخل الحرب وأسر الكثير منهم بمن فيهم ملك البرابرة مانجهو، فلم يقتلهم وإنما كرمهم وأطلق سراحهم وسأل قائدهم: إذا أطلقت سراحك هل ستهجم علي؟، فردّ: نعم، سأهجم عليك ولكن إن أسرتني مرة ثانية سأتوقف، وأعاد الكرة ستة مرات وكل مرة يتعذر بأسباب غير منطقية، وكان معه رئيس الوزراء صبور حتى أتت المرة السابعة، ووعده ملك البربر بأنه سيكون تحت أمره «بعد هذا الكرم والحكمة التي وجدتها لديك»، وفعلا هذا ما حدث فاستقر جنوب مملكة شو.
أحيانا كثيرة في الحياة نستطيع أن نهزم خصومنا بسهولة، لكن نادرا من يفكر كيف يكسب خصمه، فالشخص الذي استطاع أن يكسب خصمه لصالحه في التاريخ الصيني، خلد ذكراه الصينيون كرمز للذكاء، هناك أشخاص تتعامل مع العمالة المنزلية كخصوم لهم، فتجده يغلق عليهم الأبواب ويمنعهم من حريتهم وحتى الهاتف المحمول وسيلة التواصل المهمة حاليا يمنعهم منها، التعامل مع أي شخص بهذه الطريقة سيجعله عدوا دائما، ومن السهل أن تكسب عداوة أي أنسان لكن صعب أن تكسب ولاءه.
هناك منازل تبقى فيها العاملة المنزلية أكثر من ٢٠ سنة، وبالنقيض توجد منازل لا تبقى فيها الخادمة أياما وتهرب، طريقة التعامل قد تكون هي المقياس لهذا، صحيح أن هناك مشاكل تكون بسبب العاملة نفسها لكن الصبر عليها ومساعدتها في تحمّل الغربة، سيكون طريقة من طرق كسب الولاء الدائم، وهذا بالنهاية ينصب في مصلحة الأسرة والعاملة واستقرارهما.