نضوجك الفكري الذي أنت عليه اليوم كان بسبب المصاعب التي عانيتها بالأمس، والمصاعب التي تعاني منها اليوم ستكون السبب في نضوجك أكثر وتبنيك أفكارا أجمل.
ولا خلاف في أن المصاعب تصقل الإنسان، وهذا يقاس كذلك على المجتمعات، فكلما زادت التحديات أمام مجتمع أصبح أقوى وقابلا للتطور والبقاء أكثر من المجتمعات التي تعيش في سلام.
يذكر كتاب «قصة الحضارة» مثالا على ذلك لحضارتين صينيتين قديمتين، الأولى كانت تقع على النهر الأصفر المعروف بكثرة فيضاناته وتدميره للحرث والزرع، وهو النهر الذي قتل في فيضان واحد فقط أكثر من 4 ملايين إنسان، وحضارة أخرى تقع على نهر يانغتسي المعروف بهدوئه واستقراره.
نظريا يبدو أن الواقعة على النهر الهادئ قابلة للاستمرار أكثر من تلك الواقعة على النهر الثائر، لكن الواقع يخبرنا أن ما حدث العكس، وقد يكون ذلك بسبب فطرة الإنسان التي تشتد صلابة كلما زادت عليها الضغوط.
«كورونا» كأزمة أظهر إيجابيات وسلبيات كثيرة على المستويين العالمي والمحلي، لكن ما يلفت النظر هو موضوع الشهادات المضروبة التي حصل عليها أصحابها عن طريق الشراء من الجامعات اليونانية أو الرشاوى من بعض الجامعات العربية، ومن خلال هذه الشهادات استطاعوا أن يترقوا في وظائفهم وحصلوا على مناصب.
خلال وضع الرخاء كان تخبطهم مستورا نوعا ما، لكن في أزمة كورونا أصبح تخبطهم واضحا للعيان، فإن بحثت عن أي مشكلة حدثت محليا فستجد أن التخبط حدث في الغالب بسبب شخص حصل على منصبه عن طريق هذه الشهادات.
الشخص الذي يرتضي على نفسه أن يزور أو يدفع رشى في سبيل الحصول على شهادة جامعية،كان من الممكن الحصول عليها لو أنه اجتهد وثابر في سبيلها، هذا الشخص غالبا ما يكون شخصا غير مؤهل لا عقليا ولا سلوكيا للقيام بمهام أي منصب صغير، فما بالك لو كان المنصب حساسا وخلال وقت الأزمات.
لذلك من المنطق حاليا إبعاد مثل هؤلاء المشكوك في طريقة حصولهم على الشهادات عن اتخاذ القرارات المهمة لتجاوز هذه الأزمة، وبعد تجاوزها سيأتي دور محاسبتهم والتحقق من شهاداتهم.