تجتمع المجموعة البشرية التي تعيش في الصحراء الهندية والمجموعة البشرية التي تعيش في الصحراء العربية على الكرم، وكل مجموعة بشرية تعيش في صحراء لا بد من وجود الكرم لديها كخصلة أساسية لسبب بسيط لأنه دون الكرم والضيافة في الصحراء ستموت المجموعات البشرية بسبب الظروف التي تجبر الناس على التنقل والترحال، فلذي يفقد طعامه وشرابه يموت، لكن بالكرم والضيافة تستمر الحياة في هذه البيئة، فالكرم هو المحرك الأساسي للحياة في الصحارى، لذلك هو ليس تفضلا من الأشخاص، إنما هو دين عليهم، فاليوم تكرمني وتستضيفني وتنقذ حياتي من العطش والجوع بالصحراء، وغدا ابني ينقذ ابن أخيك وهكذا، وهذا إن دل فانه يدل على تأثير البيئة على المجتمع وثقافته وسلوكه.
من ناحية أخرى، نجد أن الأزمات كذلك لها تأثير كبير على المجتمع وثقافته وسلوكه بل وحتى شكله الخارجي، ومن الأمثلة الشهيرة على ذلك، تقلص معدل طول الفرد الكوري الشمالي عشرة سنتيمترات بسبب المجاعة التي مرت بهم خلال القرن ١٩، وكذلك زيادة معدل طول الفرد الياباني عشرة سنتيمترات بعد دخول ثقافة الأكل الغربية والوجبات السريعة الكثيرة الهرمونات على الثقافة اليابانية وانتشارها فيها.
جائحة كورونا كانت من النوع النادر الذي يستطيع أن يكون عابرا للمؤثرتين القويتين على ثقافة المجتمعات، فهي تؤثر على كل البيئات وتشكل أزمة على جميع الثقافات، فكل ثقافة تتعامل معها بطريقتها وفق مفاهيمها وفكرها، فالدول التي تهتم بالاقتصاد فضلت الاقتصاد على الوقاية من المرض وندمت، والدول التي تهتم بالتجمعات والحياة الاجتماعية فضلتها على الوقاية من كورونا وندمت، وحدها الدول المتوازنة التي تعطي كل شيء حقه استطاعت أن تنتصر على المرض بسهولة مقارنة بغيرها من الدول.
في الحقيقة من الممكن أن يكون كورونا أعظم درس مر على البشرية من بعد عصر الثورة الصناعية، فكشف جشع الرأسمالية، ووضح تخبط الدول، فالدول التي كان لديها مشاكل تغطيها أصبحت ظاهرة بشكل واضح مع كورونا.
بالنسبة للكويت أصبح موضوع التركيبة السكانية وفشل تنظيمها عبر الحكومات المتعاقبة واضحا وضوح الشمس، بالإضافة إلى التخبط في اتخاذ القرار في عدة مرات رغم أن القرارات كانت مصيرية، وأصحاب الشهادات المزورة كان لهم النصيب الأكبر بهذه التخبطات خصوصا في القيادات الوسطى والصغيرة، ناهيك عن ان عدم إجبار الدول على أخذ رعاياها تدل على تخبط في السياسة الخارجية، ومحاولة المتنفذين في الاستفادة من الوضع في الحصول على مناقصات وتراخيص مصانع للكمامات والمواد الواقية للفيروس، ولا يعني هذا عدم وجود نجاحات خصوصا التنفيذ السريع للمحاجر والمستشفيات الميدانية، والسيطرة على بعض أسعار السلع وإن كان هناك سلع كثيرة ارتفعت كالأجهزة الإلكترونية المنزلية والأجهزة الرياضية.