جزيرة سنغافورة أصغر دول شرق آسيا ومن أشهرها، لا توجد فيها أي مقومات للنجاح، وعلى الرغم من أن تعداد سكانها لا يتجاوز الملايين الخمسة إلا أنها دولة عبارة عن خليط من الأعراق الصينية والمالاوية والهنود وآسيويين من ثقافات مختلفة. 42% من سكانها هم من الأجانب العاملين أو الدارسين، وتعتبر سنغافورة ثالث دولة في العالم من ناحية الكثافة السكانية.
أما الديانات في سنغافورة فمتعددة، منها البوذية وتشكل 33.3% من السكان واللادينيون 17.0% والإسلام 14.7% والبروتستانت 11.3% والكاثوليكية 7.1% والطاوية 10.9% والهندوسية 5.1% وآخرون 0.7%، وفوق هذا المزيج العرقي الديني لا توجد فيها موارد طبيعية تذكر.
الكتابة عن التاريخ والمعجزة الاقتصادية السنغافورية يكاد لا ينتهي، لكن أهم ما يجب ذكره حتى نتخيل حجم المعجزة أنه كان الناتج الإجمالي المحلي لسنغافورة عام ١٩٦٩ لا يتجاوز ٥١١ دولارا فقط، وهي الآن على الرغم من صغرها تمتلك تاسع أعلى احتياطي في العالم، ولا يتحقق هذا إلا بوجود عقليات تطورية صادقة تهتم ببناء الدولة والإنسان، فعندما تسلم (لي كوان يو) رئاسة الدولة اختار أن يسير على الطريق الذي أدى إلى تطور جميع الأمم، ألا وهو طريق العلم والتعلم.
ومنها عرفت سنغافورة أن الإنسان هو الاستثمار الأفضل، لذلك تقوم بإنفاق خمس مدخولها السنوي على التعليم، ولهذا أصبحت نسبة الأمية فيها أقل من ٣%، ومستوى الطالب السنغافوري الأفضل عالميا، وهو أعلى من مستوى الطالب الثاني على العالم بـ ٢٠ شهرا من دراسة الرياضيات و١٠ أشهر بالإنجليزية، وتتنافس المدارس السنغافورية مع أفضل المدارس العالمية من حيث المستوى العلمي والمدارس هناك متنوعة فتختلف بمنهجها على حسب ميول الطالب، والمناهج السنغافورية تعتبر من الأفضل على مستوى العالم فهي سهلة الفهم تضمن جودة عالية من الفهم والمخرجات التعليمية وتنصب على تعليم الطلبة حلول للمشاكل التي ستواجههم في الحياة العملية.
هناك حصص دراسية مخصصة لوضع الطلاب بمشاكل افتراضية من الحياة العملية وجعل الطلاب يحلون هذه المشاكل ووضع أفضل الطرق العملية لتجاوزها. ويرتكز التعليم السنغافوري على الامتحانات، وكل الحصص تتمحور حولها وطريقة حلها بالشكل السليم، عندما عرفت وزارة التعليم السنغافورية
أن تصنيف الطلبة حسب معدلاتهم يسبب ضغطا وتحديا يؤدي إلى مشاكل صحية ونفسية لدى الطلبة أوقفت هذا التصنيف، وبالمناسبة العام الدراسي في سنغافورة يبدأ بيناير وينتهي في نوفمبر، ويتكون من فصلين دراسيين.
الحكومة السنغافورية أطلقت نظاما تعليميا جديدا بشعار(تعليم أقل، معلومات أكثر) وهو يركز على الاعتماد على جودة التعليم وليس على كميته.
والوالدان يشكلان جزءا مهم من العملية التعليمية لديهم، و٧٠% من الآباء يسجلون أبناءهم بدروس تقوية بعد المدرسة، الطلبة من عمر ست سنوات إلى ثماني سنوات لا يتم تقييمهم بالامتحانات، بل يركز النظام التعليمي في هذه الفترة من العمر غرس مفهوم التعلم الذاتي لدى الطلاب.
وزارة التعليم حريصة على القضاء على النظرة التقليدية للدرجات وربط جودة الطالب بمفاهيم أشمل وأعظم من هذا المفهوم، وهي حريصة على التخفيف قدر المستطاع من التوتر الذي تسببه الامتحانات، وعلى الرغم من ذلك تعتبر سنغافورة ثالث أكثر دولة من حيث الوقت الذي يمضيه الطلبة بحل الواجبات المنزلية، وطبعا جعلت من العمل في المجال التعليمي مغريا ماديا لذلك استطاعت سنغافورة أن تستقطب أصحاب العقول للعمل في هذا المجال، وتحرص وزارة التعليم أن تجعل من التعليم والتعلم شيئا يدخل الفرح على قلوب الطلبة وتحببهم قدر المستطاع في العلم.