- التجربة الكويتية في العمل التعاوني من أقدم وأعرق التجارب في المنطقة وأنجحها
- تعيين أعضاء بمجلس إدارة الجمعيات ممن يعملون بوزارة الشؤون يؤثر على استقلاليتهم
بدأ الاهتمام بالعمل التعاوني بدولة الكويت منذ مطلع اربعينيات القرن الماضي، والتجربة الكويتية في مجال العمل التعاوني تعتبر من أقدم واعرق التجارب في المنطقة وأنجحها، وقد تم تنظيم العمل التعاوني بشكله الشامل بعد صدور اول تشريع له في عام 1962.
وتهدف الجمعيات التعاونية الى الارتقاء بالمستوى الاجتماعي والاقتصادي وتقديم الخدمات الضرورية لمساهميها في المنطقة التي انشئت لأجلها تلك الجمعية، ولضمان قيام الجمعيات بدورها وأهدافها ولحماية لأموال مساهميها، حرصت التشريعات على ان يكون هناك دور رقابي لوزارة الشؤون الاجتماعية باعتبارها الجهة المختصة، حيث تتولى الوزارة الرقابة والتفتيش على أنشطتها وأعمالها وحساباتها.
وتقوم الوزارة بدورها الرقابي من خلال بعض الآليات التنظيمية منها تعيين مراقبي ماليين وإداريين بالجمعيات، وتعيين أعضاء في مجالس ادارتها، هذا بالإضافة الى إشراف الوزارة على اجتماعات الجمعيات العمومية لها.
ولعل من اهم آليات الرقابة التي تقوم بها وزارة الشؤون الاجتماعية في رأيي تعيين أعضاء في مجالس ادارات الجمعيات التعاونية، والتي تضمن فاعلية أدائها والرقابة على أعمالها، وقد نظمت الوزارة إجراءات تعيين الأعضاء في مجالس الإدارات من خلال قرارات تنظيمية استنادا لأحكام القانون، الا أن القرار الذي أصدره وزير الشؤون الاجتماعية مؤخرا وباشرت الوزارة في تنفيذه في رأيي قد يقوّض حوكمة اعمال مجالس الادارات الجمعيات التعاونية، حيث أعاد الوزير النظر في شروط التعيين بمجالس الإدارات بما يضمن أن يكون العضو المعين من موظفي الوزارة، وقد تم تبرير هذا التعديل نظرا لما يتمتع به موظفو الوزارة من خبرات إدارية ومالية في مجال العمل التعاوني.
وبهذا الصدد يجب ان نؤكد أهمية تعزيز حوكمة اعمال الجمعيات التعاونية من خلال توفير الأنظمة والآليات التي تضبط العلاقة بين أصحاب المصلحة فيها لتخدم مصالحهم، خاصة في ظل بعض مظاهر الفساد في بعضها والتي للأسف تسيء للعمل التعاوني، ومن اهم هذه الآليات تعيين اعضاء بمجالس الادارات من ذوي الخبرة، ويتمتعون بالاستقلال التام (عضو مستقل) في مراكزهم وقراراتهم، وان لا يكون في تعيينهم أي تعارض للمصالح.
وفي رأيي أن تعيين أعضاء بمجلس إدارة الجمعيات التعاونية ممن يعملون بوزارة الشؤون الاجتماعية يؤثر على استقلالية هذا العضو كونه يعمل في ذات الوزارة التي تراقب على اعمال تلك الجمعيات، وفي نفس الوقت يشارك هذا العضو في اتخاذ قرارات استراتيجية للجمعية، وبالتالي قد يخرج نطاق وصف هذا العضو بالعضو المستقل.
ومن جانب آخر، ان التشريعات التي تنظم العمل التعاوني تسمح بمنح أعضاء مجالس ادارات الجمعيات التعاونية مكافأة نظير عضويتهم، وقد يواجه تلقي موظفي الوزارة تلك المكافآت تحفظات من الجهات الرقابية، حيث إن بعض الجهات الرقابية لها وجهة نظر في شأن صرف مثل هذا النوع من المكافآت، باعتبار ان مثل هذا العمل من طبيعة مهام موظفي الوزارة، وبالتالي لا يجوز منحهم مكافأة عن هذا العمل، وانما يتم تقدير عملهم هذا من خلال ميزانية الوزارة والتي تملك نظما إدارية تخولهم من تقييم وتقدير مثل تلك الاعمال.
لذا أرى من الحصافة أن يعيد وزير الشؤون الاجتماعية النظر في قراره هذا، وذلك بان يقتصر تعيين اعضاء مجالس ادارات الجمعيات التعاونية من ذوي الخبرة من خارج الوزارة حفاظا على دور العضو المستقل في مجالس الادارات، وترسيخا لمبدأ استقلاليتهم والذي يعد من أسس ممارسات الحوكمة السليمة، ويكتفى بدور موظفي الوزارة الرقابي من خلال آليات العمل الاخرى المعمول بها حاليا.
نائب رئيس جهاز المراقبين الماليين بالوكالة (سابقا)
baderalhammad.com