يتميز اليابانيون بقوة الإرادة والمهنية والإخلاص والانضباط، ولأدبيات العمل عندهم ثقافة خاصة فتراهم ينجذبون إلى العمل بشكل قد يصبح إدمانا في بعض الأحيان.
ولعلي لا أجرؤ على مقارنة مستويات العمل وفلسفة الإنجاز بيننا وبينهم لاعتبارات كثيرة لا أود الخوض فيها لطول قائمة النقاط المراد تغييرها وأيضا لتكرار سرد مثل هذه المواضيع بجميع وسائل الإعلام المقروء والمسموع والمرئي.
إلا أنه ومن بين حالة الإحباط السائد في مجتمعنا والتذمر و«التحلطم» المنتشر في كل منتدياتنا وأماكن تجمعنا عن سوء إدارة المشاريع وتأخرها وتداخل صلاحيات الوزارات الخدمية فيما بينها وطول الدورة المستندية المطلوبة لإنجاز أي مشروع وتأخر الصرف المالي وسوء المقاولين والمحسوبية والواسطات والتدخل السياسي، ومن القيل والقال وكتابنا وكتابكم و... و... و...، أقول بين هذا الكم الكبير من الأسى تسطع بين الحين والآخر ومضة تخطف ألبابنا على حين غرة تجعلنا نعيد التفكير وتجدد الأمل بأن هناك من يعمل في صمت وهناك من ينجز بلا بهرجة إعلامية وهناك من يتبنى فلسفة عمل اليابانيين ويتقنها.
وقد يتساءل المرء كيف يتم ذلك على ضوء كل هذه الإحباطات المذكورة آنفا؟ كيف يتم إنجاز مشروع مثل توسعة مستشفى الجهراء وتسليمه قبل المدة التعاقدية حتى أصبح مستشفى جديدا وليس مجرد توسعة للمستشفى القديم؟ وكيف يتم تصميم وإنشاء وإنجاز مشروع مثل مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي أو دار الأوبرا رغم الترهل في جسد الوزارات الحكومية؟ وكيف تم إنجاز حديقة الشهيد بهذا الجمال التصميمي؟ وكيف يتم إنجاز كثير من المشاريع التي تصدى لها الديوان الأميري وانتهى من تنفيذها؟ مثل هذه المشاريع وغيرها من إنجازات الديوان الأميري لم تنجز خارج الكويت بل تواجهه كل البيروقراطية والروتين الموجود حاليا، إذا كيف ينجز الديوان الأميري مشروعا يعجز أو يتأخر عن إنجازه جهة حكومية أخرى؟
مثل هذه الأسئلة تجول في مخيلة الكثير منا وهناك من يحلل ليجد إجابات مقنعة لها، وهناك من يستمتع بالمشاريع دون الخوض فيما لا يعرف، وأنا أقول لكم وبكل ثقة ان الإجابة بسيطة جدا، وهي أن من قام بهذه الإنجازات فريق عمل وعلى رأسهم رجل يريد أن ينجز، رجل يعرف كيف يدير الوقت والجهد والمال.
رجل يتابع كل صغيرة وكبيرة ويذلل الصعاب حتى ينتهي المشروع ولا يترك قلمه ومكتبه عند وصول الساعة الثانية معلنة انتهاء الدوام كحال أغلبنا.
رجل لا يتحلطم ويقف مكتوف الأيدي لطول الدورة المستندية كحال بعض المسؤولين الذين يتعللون بكل صغيرة وكبيرة حتى يواروا سوء إدارتهم للمشاريع.
أقول شكرا عبدالعزيز اسحق، أنا لا أعرفك شخصيا ولم ألتق بك في حياتي، ولكنني أقولها تطبيقا للآية الكريمة (ولا تبخسوا الناس أشياءهم)، أقولها وأنا أفخر بك وبفريق عملك لقد كنت يا عبدالعزيز اسحق وبحق ومضة وبارقة أمل تخرج من رحم الترهل الحكومي.
وكم أتمنى أن يسند للأخ الكريم عبدالعزيز اسحق وفريقه مشروع إنجاز المدينة الترفيهية المزمع إقامته حتى ينعم به بعد سنتين على أكثر تقدير أطفالنا، في حين لو أسند هذا المشروع لغيره فإنني أعتقد انه قد يأتي الجيل الثالث من أحفادنا والمشروع قيد الترسية.
أدام الله «ومضات الكويت»، ولا أدام من تحلطم على قلة سنع.