الأخلاق حسب مفهومي لها هي مجموعة معايير وثوابت تحدد السلوكيات الواجب اتباعها، وبالتالي تطبيقها بين جميع أفراد المجتمع، وهي نابعة أساسا من الدين والعرف والعادات المتبعة بهذا المجتمع إلى أن تصل هذه الأخلاقيات إلى حد المسؤولية، وهي أعمّ وأشمل من المسؤولية القانونية التي يجب على الإنسان عدم مخالفتها، حيث إن المسؤولية القانونية تتحدد بتشريعات وقوانين واجب الأخذ بها وهي مقصورة على سلوك الإنسان نحو غيره وتتغير حسب الأنظمة المعمول بها وتقرها وتنفذها وتمارسها سلطة خارجية، أما المسؤولية الأخلاقية فهي أعم واشمل، حيث انها ثابتة لا تتغير وتمارسها قوة ذاتية تتمحور بعلاقة للإنسان تجاه خالقه وتجاه نفسه وتجاه غيره.
بهذه المقدمة البسيطة وددت أن ألفت انتباه القارئ الكريم لما هو سائد من أخلاقيات في أي شارع من شوارع الكويت ولن أتكلم عن الاختناقات المرورية والتحويلات وما إلى ذلك حيث ان هذا الموضوع قتل بحثا وتدوينا، ولكني سأركز على أخلاقيات من يرتاد الشارع مستخدما السيارة، وما تركيزي على الشارع إلا لأنه يعطي انطباعا كبيرا عن الحالة الأخلاقية السائدة بالمجتمع، وهو أمر بديهي وقاعدة بسيطة يمكن ملاحظتها بأي مجتمع وبالتالي الحكم على أخلاقياته.
كلنا نعاني من انحدار المستوى الأخلاقي بتعامل بعضنا البعض بالشارع، وكلنا ينتقد هذه التصرفات والسلوكيات المشينة، وكلنا يقوم بها، إلا من رحم ربي، فلا الصغير يحترم الكبير ولا الرجل يحترم الأنثى، ولا الغني يحترم الفقير، فترى هذا يتجاوز هذا ويعتبرها «فهلوة ومرجلة»، وهذا لا يسمح بمرور هذا لأن سيارته «تفشل» وهذا يضرب بعرض الحائط كل السيارات الواقفة في إشارة مرورية ويحشر نفسه مستعطفا عند زاوية الإشارة ليكون أول من يمر، والويل لمن لا يسمح له، وهذا يمشي الهوينة ويسبب الاختناق المروري لأن مزاجه اليوم يمشي على هونه وبيده تلفون ونفس الشخص قد يختلف مزاجه باليوم الآخر ليسابق الريح معرضا الكل للخطر، والويل لمن لا يفتح له المسار ليجد أن سيارته تعرضت لقصف الحصى المتطاير من عجلات سيارة صاحبنا عند تجاوزه من جانب حارة الأمان التي أصبحت «سمردحة».
لقد ابتلانا الله بالأطفال قائدي المركبات اللي توه مطلع اجازة الذي يعتقد أنه امتلك كل شبر بالشارع حال دخوله اليه فله ما لا بجوز لغيرة من كسر كل القوانين المرورية ابتداء من إلقاء أعقاب السجائر ومخلفات أكله وشربه على قارعة الطريق الى أصوات الأبواق بداع ومن دون داع الى الموسيقى العالية الى اصوات هدير محركات السيارات والتي أضيفت لها أجهزة تجعل من صوت السيارة اشبه بصوت جنزير الدبابات إلى تجاوز الإشارة الحمراء إلى التحرش بالبنات وخلافه حتى أصبحت عنده قناعة تامه بان هذه الأمور المشينة التي يقوم بها من البديهيات وأن التزامه بالقانون يعتبر ضعفا وعيبا.
ولا يقتصر الأمر على مرتادي الشارع من بعض الكويتيين بل ان بعض الوافدين باتوا يتسابقون على إظهار سوء سلوكياتهم الأخلاقية بلا حسيب او رقيب حتى اصبح المرور بالشوارع تجربة مزعجة ومخيفة أحيانا.
وسؤالي الأخير: إذا كنا كلنا ننتقد هذه السلوكيات كبيرنا وصغيرنا مواطنا كان أو وافدا.. فمن الذي يقوم بها؟
وأقولها آسفا لقد أصبحت الشوارع خالية من أخلاق الناس وأصبحت الناس ممتلئة بأخلاق الشوارع.
أدام الله من تربى في بيته وظهرت تربيته على حسن أخلاقة بالشارع ولا أدام من جعل من أخلاق الشوارع ركيزة يتعامل بها مع الناس.