إكمالا لمقالتي السابقة حول أخلاق الشوارع وددت أن أتطرق الى موضوع يتعلق بالأخلاق السائدة ولكن في أماكن العمل العامة منها والخاصة، وقبل أن أبدأ دعوني أنقل لكم تعريفا قرأته عن أخلاق الوظيفة وهي المبادئ التي هي أساس السلوك المطلوب لإنجاز عمل ما والمعيار الذي يحدد من خلاله مبدأ الثواب والعقاب حيث إن لكل وظيفة قيما ومعرفة ومهارات تحكم عمليات المهنة وتحدد ضوابطها.
وها هنا أجد نفسي أدخل إلى أي دائرة حكومية كانت لأجد أغلب موظفيها لا يمت تعاملهم مع مراجعيهم أو زملائهم أو حتى مرؤوسيهم بأي خلق كريم وكأنهم يحاسبوننا على (قعدة الصبح) ويحاسبون زملاءهم على كثرة المراجعين ويحاسبون مرؤوسيهم على تبوؤهم هذا المنصب.
موظفة لا تجد ضير في الجلوس أمام (المنظرة) لساعات لصب المكياج على وجهها مثل ما يصبون خرسانة الأسقف ولكنها تزهق وتتحلطم أن عملت لنصف ساعة وتجدها تتأفف بوجوه المراجعين والويل لمن يفتح فمه حتى يجد أمامه لسانا سليطا ممتلئا بأقبح العبارات.
موظف سهران ليله كله يلعب كوت أو هند أو بلوت أو يتصرمح بالشوارع أو ماسك تلفونه حتى ساعات الفجر الأولى تشوفه مداوم متأخر بطبيعة الحال يجعل من تجربة أي مراجع يسأله أو ينهي معاملته بالكابوس بسبب نفسيته الشينه وكأنه من المفروض أن يبدأ هذا الموظف يومه بلعب الجنجفة وينهيه بالقعدة بالدواوين والمعاش نازل نازل بأي حال من الأحوال والتقدير امتياز مضمون.
موظفون ومظفات مهنتهم الأساسية أول ما يوصلون الدوام يبلشون الحش والقرض بخلق الله والبداية بالزملاء على اختلاف مناصبهم طبعا تشوفهم يحفرون لهذا ويعذربون هذاك ويطقون حتى بالأعراض اعتقادا منهم أن هذا الأمر يرفع الشأن ويجعل الآخرين يقدرونهم ويحترمونهم.
موظفون أو موظفات أصبح المكتب الحكومي لهم بمنزلة محل بيع وشراء وممارسة الأنشطة التجارية بجميع أنواعها وهذا مدخل آخر للهدايا والإكراميات من المراجعين علشان يمشون شغلهم وتلاقيهم يفترون من مكتب لمكتب حتى انهم قد يعطلون الأعمال لمنافعهم الخاصة.
موظفون أو موظفات أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي عندهم هي الوظيفة ووظيفتهم الأساسية بالدوائر الحكومية هي جمع أكبر قدر من المعلومات على اختلاف أهميتها ونشرها ضاربين بعرض الحائط المحافظة على سرية المعلومات، لأن المهم أن يتبعهم آلاف البشر ولا يهم عواقب أفعالهم على أماكن عملهم.
موظفون أو موظفات يبدأون يومهم الوظيفي وينهوه من غير ما يحركون أي ورقة من أول المكتب لآخره تلاقيهم ينقدون ويلومون أداء الحكومة ويتكلمون عن الفساد والظلم ويتشدقون بالأخلاق والنزاهة وهم أبعد عن الحق وعن مخافة الله في وظائفهم.
ولن أتكلم عن الواسطات والتــزوير والاخـــتلاس والرشاوي فقد سبقني من زملائي كتاب المقالات من تطرق لهذه المواضيع وأشبعها بحثا.
أليست هذه عينات من بعض الموظفين في دوائرنا الحكومية الذين لا يهمهم من الوظيفة سوى الراتب والمنفعة الشخصية؟!
والغريب العجيب أن جميع ما سبق تراهم يهرولون إلى أداء صلاة الظهر جماعة بالمصليات ويزاحمون من اقترن حسن أخلاقهم بحسن دينهم على الصفوف الأولى ويرددون بصوت عال حال انتهاء الصلاة أستغفر الله أستغفر الله أستغفر اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام.
أدام الله من أعطى لدينه ووطنه حقهما ولا أدام من فقد قيمته بسوء أخلاقه.