سمعت من بعض (شيبانا)، أدعو الله أن يهب من لايزال على قيد الحياة منهم الصحة والعافية ويرحم من انتقل إلى جواره رحمة واسعة، أن رجلا كان ذا سعة من القوة والصحة وأعطاه الله وسامة بالغة حتى أصبح مضرب الأمثال في الشكل وكانت نساء قريته يتمنينه زوجا مما جعله يزهو بنفسه كثيرا معتقدا أن ما عنده باق لا يزول، وأن اختياراته لزوجته متوافرة دائما وكلما تقدم بالعمر أصبح أكثر اعتدادا بنفسه حتى وصل به العمر إلى أن تغيرت ملامحه وضعفت صحته ولم يجد من يلتفت إليه وهذه حال الدنيا فالأيام تطوي نفسها حتى وان رفضنا ذلك.
هنا انتبه هذا الرجل إلى ضرورة أن يسرع بالاقتران بزوجة حتى ينجب منها أطفالا يعينونه عند الكبر وكانت صدمته كبيرة لما رأى الرفض من أغلب نساء القرية مما اضطره إلى الزواج من فتاة تسكن في ريف القرية كبيرة بالعمر ودميمة المنظر لم يكن يفكر يوما أن يقترن بها ولكنها الوحيدة المتوافرة فتزوجها، وازداد تعاسة لاكتشافه أنها عاقر، وفي إحدى المرات وكان الشتاء قارسا طلب منها أن تدنو إلى جانبه وهو كاره لها فقالت له: «لم أعرف أنك تكنّ لي كل هذا الحب» فأجابها: «واللي رفع سمانا مو غلاة فيج مير حدني عليج الشتا».
لماذا يقطع أغلبنا صلته بخالقه وقت عنفوان قوته وعطائه ظنا منه انه يعيش الدهر كله حتى يصل إلى أرذل العمر ويبدأ بالتشدق بالحكم والمواعظ؟ لماذا يقطع أغلبنا صلة القربى والرحم وقت حاجتها ملتهيا بزخرف الحياة الدنيا ويندم عليها حين فقدان أقاربه يوم لا ينفع إلا الترحم عليهم؟
لماذا لا نحمد الله على نعمة وطن آمن مستقر يفيء بخيره على الجميع ونعمل على رفعته واستقراره وزيادة خيره ونتحاور مع بعضنا دون تجريح أو إلغاء فكر الآخر أو التسفيه برأيه أو اعتماد نظرية المؤامرة في كل جوانب حياتنا قبل أن يأتينا يوم، نسأل الله ألا نراه، تزول كل النعم التي ننعم بها.
بالنهاية أقول لا يختلف اثنان على أن من قطع شجرة يستظل بها لا يمكن وصفه بالعاقل أبدا مهما قدم من مبررات.
أدام الله من شكر ولا أدام من حده الشتا حتى أصبح يقلب كفيه من سوء ما عمل.