التميز رغبة ومطلب طبيعي بالنفس البشرية مثله مثل أي قيمة مجتمعية أو نفسية أخرى ننشد بلوغها والوصول إليها لتنقلنا من منزلة إلى منزلة أخرى نزعم أنها أفضل، وهذا أمر طيب ولا ننازع عليه أحدا ولكن يبدأ (التخبيص) عندما يصبح التميز غاية وليس مطلبا أو عندما يسلك المرء سلوكا خاطئا بعيدا عن العرف والدين فقط ليتميز حتى يصبح هذا التميز سيئا ومذموما وقاتلا في بعض الأحيان وعلى كل حال التميز السيئ له درجات تتدرج مما هو بسيط تذروه الرياح قد ينسى حال فعله ولا يلتفت إليه أحد إلى ما هو اشد وأنكى حتى يكاد أن يصبح ظاهرة سلبية أخرى تعصف بالمجتمع.
هذا التميز السلبي ليس جديدا على الإطلاق، ففرعون الطاغية عندما أراد أن يبلغ قمة التباهي والعزة قال «أنا ربكم الأعلى» اعتقادا منه أن تميزه هذا سيبلغه الآفاق ولكن قدرة الخالق وضعته في حجمه الطبيعي لتبقى بقاياه على ضفاف البحر آية لمن يتعظ ولك بين طيات التاريخ شواهد وعبر اقرأ ما شئت لترى كيف حاق التميز السلبي بأهله ولكن وللأسف لا الحر بقي حرا ولم تعد تكفيه الإشارة فاصبح زمان «بازار الهوام» متحكما بكل شيء حولنا فاصبح التميز السلبي، بل دعني أقول ان التباهي يبدأ من تصوير كوب قهوة في مكان ما حتى ينفرط العقد لتجد بعض من «شاقت بعيونه خطاياه» فأصبح «يستخف دمه الثقيل» على جسر الصبية اعتقادا منه أنه متميز أو «يمصخر نفسه بلبس أو حركة أو فعل أو طريقة أكل أو شرب» كي يتميز أو يصور سيارته أو بيته أو سفرته كي يري الناس مدى تميزه، والذي نفسي بيده أرثي لحالهم، لاعتقادي المطلق أنهم مرضى وبحاجة إلى علاج ولكن «المقرف» من أصبح يتباهى حتى بالتصدق على الفقراء والمحتاجين، وتصوير وإبراز موائد الإفطار للمساكين في شهرنا الفضيل هذا أو التصدق على الفقراء لا للتوثيق بل للتفاخر به بكل ما استطاع من تأثير متناسيا أن «ربك رب قلوب ونوايا» فلا حول ولا قوة إلا بالله.
وأجد نفسي هنا مرغما على أن أذكر من أتشرف بأن اطبع قبلة عرفان وإجلال واحترام على جبين كل من تميز تميزا إيجابيا من أصحاب الأيادي البيضاء سواء مؤسسات وجمعيات خيرية أو أفراد أو مجموعات شباب متطوعين، جزاهم الله عنا خير الجزاء لا يسألون فيما يفعلون من أجر إلا التقرب إلى الله ورسم ابتسامة على وجوه ذوي الحاجة.
أدام الله تميزكم الإيجابي، ولا أدام من خسر نفسه حتى يتميز فقط.