لم يكن لي إنسان عدو أكثر من الأعداء الأربعة المتعارف عليهم شرعا وعرفا، وأقصد بذلك دنياه وشيطانه ونفسه وهواه، فالخالق سبحانه قال في محكم تنزيله (إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا)، ولا داعي للإسهاب في عداوة الشيطان للإنسان منذ أن خلق الله آدم ثم يأتي عدو الإنسان الثاني وهي دنياه التي يعتقد البعض ممن غرتهم الدنيا أنها باقية على حالها فيغتر من عاش بها بأمواله أو نفوذه أو أو أو والى آخر السلسلة من متاع الحياة.
وثالث الأعداء هي النفس واخص بها النفس الأمارة بالسوء التي غاب عنها الخوف من خالقها وأغرقت صاحبها بحب الشهوات بلا خطوط حمراء والمعاصي بلا رادع ديني أو أخلاقي.
وآخر أعداء الإنسان هو الهوى وهو ما تتمناه النفس وتميل إليه سواء خيرا كان ام شرا، والهوى يصدر من النفس فإن عطبت النفس زاد الهوى فسوقا وانحرافا وان زكت زاد الهوى رقيا واعتدالا.
وعلى اية حال قد يزيد بعض الناس عدوا خامسا كصديق السوء او الغلو في الخصومة او غيرها من الأمور إلا أنني أجد أن كل هذه الإضافات هي روافد للأعداء الأربعة التي ذكرتها ولكنني اعتقد ان هناك عدوا خامسا غاب عن اغلبنا ولا ازعم انني صاحب الفضل في اكتشافه بل جل ما اعمل هو أنني أسلط الضوء عليه وهو ملاحقة الطموح والنجاح ومحاولة تغيير الواقع.
قد يكون غريبا ما أقوله ولكن عددا كبيرا من الأشخاص يؤمنون بأن النجاح يمنحهم السعادة ولكنها بالحقيقة تعزز النجاح وليس العكس.
في المقابل فإن دراسات أخرى تؤكد أن الطموح ومحاولة تحقيق النجاح يمكنهما أن يجعلا الشخص تعيسا وخاصة ان تحول السعي نحو الطموح أو النجاح إلى هوس ونهم حتى بات النجاح كابوسا لدى البعض يحلم به ولا يناله وإن ناله لا يكتفي به بل يبحث عما هو اكبر واكثر ليصبح بالنهاية أسيرا يطارد سرابا ويجد نفسه في آخر المطاف وقد خارت قواه صفر اليدين، فلا عائلة تمكن من التمتع بالعيش معها أو أصدقاء يسر لهم مكنون صدره، وهذا امر مرعب جدا ان تجد نفسك في آخر المطاف خالي الوفاض، بل الأكثر رعبا ان ينطبق عليك بيت الشعر الذي يقول «شابت لحانا ما لحقنا هوانا..... عزي لمن شابت لحاهم على ماش».
بالختام أقول أعداء أي إنسان تكمن في داخله أن استطاع التغلب عليها ارتقى وعلا وان خارت قواه اصبح أسيرا إما لشيطانه او لنفس تسوقه للسوء او ريشة في مهب ريح أهوائه او عبدا لدنياه او كمن ينظر للنجوم في السماء ممنيا نفسه بأنه يوما ما سيملك نجمة.
أدام الله من أعانه الخالق على هزيمة أعدائه ولا أدام من استسلم ليصبح مجرد آلة تصدر شهيقا وزفيرا.