باسل الجاسر
نستكمل اليوم ما بدأناه تحت هذا العنوان ونعرض اليوم الأسباب التي تدعو «حماس» للقيام بهذه المغامرات التي يتحمل الشعب الفلسطيني المظلوم بالمقام الاول حاضرا ومستقبلا عواقبها الوخيمة، وواقع الامر ان هناك سببا وحيدا وهو رغبة قيادات حماس بالداخل والخارج في السيطرة والهيمنة على دولة فلسطين التي لم تولد بعد، فمنذ دخول اتفاقيات «اوسلو» حيز التنفيذ الفعلي في سنة 93 (على ما اعتقد) وحماس لم تعط المفاوضات ادنى فرصة، فقد انشغلت وبكل ما اوتيت من قوة لإفشال هذه المفاوضات مما جعلها قبلة للدعم الاقليمي المعارض لهذه الاتفاقيات، الامر الذي فتح لها آفاقا واسعة لم تكن تحلم بها، وعزز فاعليتها لتخريب هذه الاتفاقيات وساعدها على ذلك اعتقاد قيادة فتح ان قوة حماس ومقاومتها هي تعزيز وقوة للمفاوض الفلسطيني على طاولة المفاوضات، لذلك كنا نرى عمليات حماس الارهابية تشتد ضراوة كلما حدث تقدم بالمفاوضات او كلما زاد الضغط الدولي على اسرائيل واسباب هذا هو خشيتهم ان تنجح فتح في تحقيق السلام بشروط معقولة فتحقق انتصارا شعبيا بالاراضي الفلسطينية اكبر وسيخلدها اكثر من الذي حققته عندما انجزت اتفاقيات اوسلو وعادت قيادات فتح الى الضفة والقطاع، هذا الانجاز الذي تدرك حماس معانيه وشاهدته بأم اعينها في استقبال الشعب الفلسطيني لقيادة فتح الذي استقبل استقبال الفاتحين... لذلك وضعت «حماس» استراتيجيتها على اساس افشال المفاوضات والعمل على احراج فتح واظهارها بأنها ضعيفة وغير قادرة على الايفاء بالتزاماتها امام المجتمع الدولي ونجحوا في ذلك نجاحا منقطع النظير، وبالمحصلة قدموا من حيث يعلمون او لا يعلمون لقادة اسرائيل طوق نجاة للخلاص من التزاماتهم امام المجتمع الدولي... واليوم وبعد اختطافهم او استقلالهم بقطاع غزة تغير الحديث والطرح فهاهي حماس تتحدث عن البحث عن آلية لوقف اطلاق الصواريخ من غزة واستعدادهم للجلوس مع الاسرائيليين للاتفاق على هدنة.. وها نحن نسمع عن تصريحات لباراك (وزير الدفاع الاسرائيلي) لا يستبعد فيها التفاوض مع حماس ولا ندري ما يخبئ لنا مقبل الايام... المهم ان جهاد حماس لم يكن قط موجها للإسرائيليين وحسب بل كان يحمل بين ثناياه جهادا لإزاحة فتح عن القدرة على الحديث باسم الفلسطينيين وكان هذا بدعم من الشعب الفلسطيني وعلى حساب حاضرهم الذي ازداد تخضبا بالدماء والفقر والبؤس وتوشى مستقبلهم بالظلمة والضياع، كل هذا بسبب رغبة حماس في الانفراد والاثبات بأنها الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني والمستحق لقبض كل الأموال المخصصة لمساعدته... فكانت فترة حماس بحق حلقة جديدة ومريرة في عمر معاناة الشعب الفلسطيني المظلوم.
وبختام هذا الجزء لابد من التأكيد على أن حماس تعرف أكثر من غيرها أنه لا عملية انتحارية هنا او هناك ولا إطلاق صاروخ محدود القدرة على هذه البلدة او تلك المستوطنة سيكون سببا لهزيمة إسرائيل وطردها من فلسطين ولكنها تعرف فن التجارة «بالكضية» عفوا القضية... ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وانتظرونا غدا لنستخلص الدروس والعبر.