باسل الجاسر
اليوم أحاول تلخيص الدروس والعبر الممكن استخلاصها من تجربة حماس خارج وداخل السلطة بما تمثله من امتداد أيدلوجي لحركة الإخوان المسلمين العالمية المولودة في مصر اوائل القرن الفائت والتي فتحت لها أفرعا في معظم الدول العربية التي بها هامش من الديموقراطية بالرغم من انها لم تحقق اي انجاز، لا للشعب المصري ولا لغيره، وأول هذه الدروس التي يجب ان يعيها الشعب الفلسطيني وفي مقدمتهم «حماس» ايضا ان فلسطين لن تتحرر بالخطب والبطولات البلاغية التي لا يستفيد منها الا الكيان الصهيوني من خلال التسويق في العالم انهم مضطهدون مرعوبون من العرب الذين يتحينون الفرصة للقذف بهم وبأطفالهم في البحر فيزدادون قوة على قوة من خلال فتح ابواب الترسانتين العسكرية والتكنولوجية، ويزداد العرب بمن فيهم الفلسطينيون ضعفا على ضعف بسبب وضع القيود على التسلح واستيراد التكنولوجيا، إذن للكلام منطق يجب ان يراعى ولكي يُحدد اطار لهذا المنطق يجب الإجابة على سؤال حيوي وهو هل تريدون السلام ام الحرب لحل المشكلة مع اسرائيل؟ وبما ان ميزان القوة يميل لصالح اسرائيل فإن السلام هو الطريق الأمثل خصوصا اننا اليوم نعيش في عالم حر يُقدس السلام ويحرص على مبادئ العدالة وحقوق الانسان، لذلك يجب عليكم نسيان مسألة المقاومة المسلحة واستبدالها بالمقاومة السلمية التي أعطت مصر والأردن حقوقهما بالكامل دون نقطة دم ودون تضحيات ورغما عن ارادة الكيان الصهيوني ذي الأطماع التوسعية المعروفة والذي استولى على هذه الأراضي بالحرب فأعادها صاغرا بقوة القانون الدولي، وهنا لابد من التذكير بأن الكيان الصهيوني لاعب ديبلوماسي حاذق ومحترف ولا يريد ارجاع شبر من الارض ويريد تخريب العملية التفاوضية ولكن بيد غيره ويجب التعامل معه على هذا الأساس، اي يجب التعامل معه بسعة صدر وروية وحكمة لاحراجه أمام المجتمع الدولي، وبعدها انتظروا رحمة الله التي سيسوقها لكم عبر المجتمع الدولي، هذا من جانب، ومن جانب آخر، يجب ان يتذكر الفلسطينيون الى اين قادتهم «حماس» وبطولاتها الخطابية الكرتونية خصوصا شعب غزة؟ وهل حررتهم ام جعلتهم محاصرين مقطوعين عن العالم؟ اذن يجب وقفهم عند هذا الحد لكي يقف نزيف الدم الفلسطيني فهم لم ولن يفعلوا اكثر مما فعله الأبطال الكرتونيون الذين جاءوا قبلهم خلال الستين عاما الماضية وان ارتدوا عباءة الإسلام الذي يقول شارعه عز وجل (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)، وأحد مرتكزاته أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، إذن كفى مزايدة ومتاجرة بآلام هذا الشعب المظلوم، وكفى ما جاء منكم كفى، وللقيادة الفلسطينية. أقول ما كانت «حماس» لتكون في ذلك الحجم الذي اكتسحت فيه الانتخابات لولا التسهيلات والحصانات والرعاية التي منحتها القيادة الفلسطينية منذ عودتها لفلسطين سنة 93 ولهذه الحركة التي استقر في أدبياتها ومن قبلها حركة الاخوان المسلمين الجحود ونكران الجميل فهم في ضعفهم يوادعون ويتساهلون وطيبون الى ان يتمكنوا ويستشعروا القوة عندها يتحولون لوحوش كاسرة مجردة من القيم الانسانية ومازالت الصور التي نقلها تلفزيونهم يوم احتلال غزة وما فعلوه بإخوانهم الفلسطينيين المنتمين لحركة فتح من قتل وتنكيل وإذلال خير شاهد على وحشيتهم وهمجيتهم.. (وما تجدر الإشارة اليه ان هذه الوحشية باركتها حركة الاخوان العالمية ومرشدها الموجود في مصر وفروعها المنتشرة بالعالم العربي حتى فرعهم الموجود هنا في الكويت، هذا ما اثبتته ممارسة حماس بشعبها وقبلهم الإخوان في مصر وما فعلوه بالمصريين قبيل وأثناء وبعيد ثورة يوليو، هذه ممارساتهم ولا اعتقد اني بحاجة لعرض المزيد من الأدلة فمؤسسو هذه الحركة الأوائل اعتمدوا مبدأ الغاية تبرر الوسيلة بما يحمل من انتهازية وأنانية والغاء للآخر، لذلك نقول أعان الله شعب غزة على «بلوة حماس» واعانهم للخلاص والفكاك منها واعانهم للخلاص من اثار فترة حكمهم الذي تفاقمت فيه نكباته وتعاظمت.
وللحكومات العربية نقول استوعبوا الدروس والعبر واعرفوا الإخوان على حقيقتهم وحذار من تقويتهم للاستقواء بهم على الآخرين سواء بالداخل او بالخارج فقوتهم لهم وان تحقق لهم من القوة القدر المناسب فإننا عليكم ويا ويلكم حينها، (والكلام لك يا جارة)، واستدرك هنا بأنني لا ادعو للإقصاء أو الملاحقة معاذ الله ولكن ادعو للعدالة والمساواة بين التيارات ودون تسهيلات وحصانات أو امتيازات.
وللشعوب العربية أقول: «اتقوا الله في أنفسكم وفي أوطانكم ولكم في غزة وشعبها المنكوب العبرة والعظة، فحركة الإخوان في جميع الدول تعرفها الأوساط السياسية بحركة الاخوان المسلمين وهي لم تنجز شيئا للشعوب التي تواجدت فيها، اللهم الا التوتر والاحتقان، وافعلوا بهذه الحركة كما فعل بها الشعب الأردني في الانتخابات البرلمانية الأخيرة عندما كاد أن يفصلهم تماما من البرلمان عندما أسقطوهم جميعا فيما عدا واحدا او اثنين.