بقلم: باسل الجاسر
مازالت معظم قوى «المبطلين» تطالب بالحكومة المنتخبة او الحكومة الشعبية وتجعل منها الحل الوحيد والنهائي للإصلاح السياسي والديموقراطي والاقتصادي والتنموي والاجتماعي. باختصار يؤكدون أنها الحل لكل مشاكل الكويت والكويتيين بالماضي والحاضر والمستقبل بل إنني سمعت البعض يتساءل: كيف للشعب ان يحاسب رئيس الوزراء إذا كان معينا بالطريقة الحالية أما إذا كان شعبيا فسيتمكن الشعب من محاسبته بسهولة؟
وكل هذا الحديث مجاف للحقيقة والواقع ومن يطرحه بهذه الصورة فهو إما ساذج جاهل واما خبيث يريد دس السم بالعسل، ولتأكيد هذه الحقيقة فإنني أرجو أن يعيرني قارئي الكريم خياله ولننظر في نتائج الانتخابات منذ التحرير المبارك، فمن خلال قراءة هذه النتائج سنجد بوضوح أن النتائج لا تأتي بفوز طرف سياسي أو فئوي واحد بالأغلبية أي بـ 26 نائبا، وإنما النتائج منسوخة فهي 4 شعبي 4 حدس 4 سلف 4 ليبراليين 4 شيعة، وهناك أربع قبائل بواقع 5 او 5 لكل قبيلة، و12مستقلا، وهذه الأرقام تتفاوت، ولكنها المعدل العام لنتائج مجلس الأمة منذ التسعينيات بالصوتين والأربعة أصوات وستتقارب مع الصوت الواحد مع انحدار لـ «الشعبي» و«حدس».
وفي ظل هذا الواقع وفي حال قررنا أن نأتي برئيس شعبي وحكومة منتخبة او شعبية فإن تشكيلها سيتعذر على طرف سياسي واحد وسيتاح لائتلاف يجب ان يكون واسعا ليشمل على الأقل 6 اطراف سياسية وفئوية، والرئاسة ستكون للطرف الذي يملك اكبر عدد من النواب، وبالتالي سيتم تقاسم الوزارات لنرى الوزارات تتحول لمزارع التيار او الفئة التي وقعت الوزارة في ملكيتها ما سيجعل الوزارات طاردة لباقي فئات الشعب الكويتي وجاذبة للفئة التي استولت على الوزارة ما سيضرب العدالة في مقتل ويتحول المال العام في الوزارة الى مال خاص للتيار او الفئة التي استولت على الوزارة.
هذا فيما يتعلق بالوزارة الشعبية، أما ما يتعلق بمحاسبة رئيس الوزراء فإنه سيكون خارج اطار المساءلة نهائيا فهو يملك الاغلبية بالبرلمان ومادام حافظ على رضا ائتلافه واعطاهم كل ما يريدون ولو خارج اطار القانون والحق فإنهم سيوفرون له الحماية ويقتلون اي مساءلة في مهدها، ليعم الفساد ويصبح عملاقا ولن يستطيع احد مواجهته او الوقوف في وجهه، فهل هذا ما يريده الكويتيون؟
نعم، التطور الديموقراطي سيصل في يوم ما إلى الحكومة الشعبية ولكن يجب تهيئة الشعب لهذا وليس عبر خذوه وغلوه من خلال الصياح بالشارع وانما عبر تكريس سيادة القانون وجعله المرجع للكافة وتنمية الروح الوطنية وبعد ان ينصهر الجميع في بوتقة الوطن، وبعدها يتم إنشاء هيئات سياسية على أسس وطنية ومنع قيامها على اسس عقائدية أو عرقية أو فئوية، وعندما يتحقق كل هذا نفكر في آليات توصلنا لحكومة شعبية ومن خلال القنوات التي رسمها الدستور، أما قبل تحقق كل ما أسلفت وغيره من متطلبات فان الدعوة للحكومة الشعبية هي بالفعل دعوه لتدمير الوطن ومؤسساته ولن يدفع الثمن إلا الشعب الكويتي بكافة شرائحه، من هنا فإنني اقول بأن الدعوة للحكومة الشعبية هي اما دعوة يطلقها ساذج او جاهل، واما خبيث يريد القاء الوطن في حفرة ليتمكن من الاستيلاء عليه وعلى أموال أهله.. فهل من مدكر؟
[email protected]
baselaljaser@