بينما كنت آخذ غرضا من درج الخزانة قمت بإغلاقه على أصبعي دون أن أنتبه فصرخت، وأحسست حينها وكأن قطارا قد داس عليه فهرسه تحت عجلاته.
وفي قمة الشعور بالألم قفزت إلى ذهني حينها قصة الفتاة التي لا تحس، وهي قصة شاهدتها في أحد البرامج التلفزيونية لفتاة لا يمكنها الإحساس بأطرافها نتيجة إصابتها بمرض نادر يسمي بـ «متلازمة غياب حس الألم»، فحمدت الله على نعمة الإحساس التي لولاها لتجردنا من إنسانيتنا وتحولنا إلى جمادات، وتذكرت قول الله تعالى: (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) «النحل: 18».
وتفكرت في حال بعض البشر، وكيف حرموا من نعمة الإحساس، وذلك حينما تخلوا عن أحاسيسهم بإرادتهم، وانتزعوا قلوبهم بأيديهم، والأمثلة عليهم كثيرة: فمنهم من عاث في الأرض فسادا، فدمر البلاد وعذب العباد، وحاول بشتى الطرق الوحشية والأفعال الإجرامية أن يحطم مشاعر الناس، ويقتل أحاسيسهم، واستخدم في ذلك شتى الوسائل ومختلف الأدوات التي امتلكها.
وهؤلاء قليلا ما نجحوا في مساعيهم لفترة طويلة، والدليل ما نراه اليوم من ثورات في كل مكان ضد الظلم والطغيان وهذا في الدنيا، وقد توعدهم الله سبحانه وتعالى بالويل والعقاب الشديد في الآخرة، فقال عز وجل: (إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم) «الشورى: 42».
ومنهم من عاش لنفسه فقط، فأحاطها بأسوار عالية من اللامبالاة، فلم تحركه معاناة الآخرين، ولا دفعته آلامهم إلى مد يد العون لهم، والتخفيف عنهم ولو بكلمة طيبة، أو ابتسامة رقيقة.
فهؤلاء وأولئك حرموا من شيء رائع لا يقدر بثمن، وهبة كبيرة تستحق الشكر المستمر لله عز وجل، لذا فلنتذكر دائما أن نحمده سبحانه على نعمة الإحساس فهي حقا نعمة عظيمة.
٭ زاوية أخيرة: أشارت دراسة حديثة لباحثين في جامعة كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأميركية، إلى أن مستخدمي «حقن البوتكس» قد يجدون صعوبة بفهم مشاعر الآخرين، فالبوتكس قد يساعد على التخلص من تجاعيد الوجه، إلا أنه قد يعرقل من قدرة الإنسان على الإحساس الكامل بمن حوله.
[email protected]