شاهدت أنا وزوجي وابنتي في سينما «آي ماكس» بالمركز العلمي قبل نهاية عام 2013 فيلم «رحلة الفراشات» بالتقنية الثلاثية الأبعاد (3d)، والذي استغرق تصويره مدة عامين لمتابعة هجرة «الفراشات الملكية» من الحدود الكندية الأميركية إلى المكسيك وعودتها مرة أخرى، وقد كان واحدا من أروع الأفلام التي شاهدتها في المركز العلمي.
وقد تأثرت بشدة بدورة حياة الفراشة ومراحل تحولها من البيضة، ثم اليرقة، فالشرنقة، وفي هذه المرحلة تبذل مجهودا كبيرا لتمزيق الشرنقة والخروج منها كحشرة بالغة، لتصبح أخيرا فراشة جميلة تحلق إلى آفاق بعيدة.. فسبحان الخالق.
حيث تستطيع هذه المخلوقات الضعيفة السفر آلاف الكيلومترات حتى تصل إلى هدفها دون كلل أو ملل، فتقطع تلك المسافات الشاسعة لتسافر مسافة تصل إلى 80 كيلومترا يوميا، وتستغرق مدة رحلتها الشاقة ما يقارب الشهرين حتى تصل إلى الغابات الدافئة في المكسيك.
وقد احتار العلماء في كيفية وصول تلك الفراشات لهدفها دون أن تفقد مسارها أو تنحرف عنه، حيث أجريت على بعض الفراشات عدة تجارب حول هذه المسألة، فتم أخذها إلى أماكن بعيدة عن وجهتها، وتبين لهم أن هدفها دائما نفس المنطقة في المكسيك.
ورغم أن متوسط عمر الفراشة يبلغ حوالي أسبوعين، وذلك يعني أنها لا تستطيع إكمال رحلتها للوصول إلى نهاية الطريق، لكنها تستمر في السفر والتحليق، لأنها تعتبر نفسها وسيلة متجددة تساعد أجيالها القادمة للوصول إلى الهدف النهائي.
وبعد أن تأملت في حياة الفراشة، تلك المخلوقة الصغيرة.. تساءلت؟
أنعجز أن نكون مثل ذلك الكائن الضعيف، ونحن الذين أودع الله فينا أعظم القدرات، فوهبنا العقل والحكمة والطاقة والقوة؟
ولماذا لا نستطيع الوصول لأهدافنا؟ ولماذا نحيد عن خط سيرنا في هذه الحياة؟ ولماذا لا نعمل على تجديد حياتنا؟
لماذا لا نجدد علاقتنا أولا بالله سبحانه وتعالى.. فنعيد بناء صلتنا بخالقنا، تلك الصلة التي ابتعدت أو انحرفت عن غايتها، ثم نعمر خرائب نفوسنا التي هدمتها معاول الحقد والحسد والغيرة، ونرمم أطلال ذواتنا التي نخرها سوس السلبية، وفتتها ضعف الثقة بالنفس.. ونقوم أخيرا بتشييد الجسور التي تصلنا بالآخرين من حولنا؟
وليكن شعارنا هذا العام.. لنبدأ التجديد في العام الجديد.
[email protected]
twitter: @dmadooh