عندما تكون هناك شخصيات لها مأثورات وتاريخ عريق ومن ثم تفقد، توافيها المنية وتبقى ذكراها خالدة بالوجدان وإنجازاتها تطبع بصمة على أرض الوطن لا تُنسى.
فقدت الكويت يوم الجمعة الماضي الموافق 13/9/2019 أحد رجالات النهضة الكويتية في القطاع الصحي في البلاد، برحيل د.عبدالله علي عبدالعزيز العياف عن عمر يناهز 79 عاما الذي وافته المنية في المستشفى الأميري لتنهي صراعا مريرا مع مرض عضال استمر لأكثر من عام.
يعد د.عبدالله العياف أول طبيب كويتي يترأس مستشفى الرازي التخصصي لطب وجراحة العظام عند افتتاحه عام 1984، وقد شهد المستشفى في عهده تطورا غير مسبوق في مجال تقنية طب وجراحة العظام والعلاج الطبيعي وافتتاح أقسام ومرافق جديدة في المستشفى، كما عمل قبل هذا التاريخ مديرا لمستشفى الطب الطبيعي والتأهيل في الصليبخات لعدة سنوات، وعمل أيضا طبيبا ممارسا لمدة عام كامل في إحدى مستشفيات (لندن) في المملكة المتحدة، ليعود بعدها إلى الكويت ويعمل طبيبا استشاريا ورئيس وحدة العظام في مستشفى العدان لعدة سنوات خلال الفترة 1998-2002، ليتفرغ بعدها لمواصلة عمله في عيادته الخاصة في منطقة المنقف إلى عام 2009.
وقد سجل الفقيد د.العياف تاريخا مليئا بالعطاء محليا وعربيا، وترك بصمات عميقة في كثير من المجالات الصحية والإنسانية والاجتماعية فكان رجلا وطنيا مخلصا لوطنه ومعطاء، فقد كان من ضمن الأطباء الكويتيين الذين حاولوا جاهدين بكل الوسائل لاستمرار الخدمات الطبية في الأقسام الرئيسية في مستشفى الرازي أثناء فترة الغزو العراقي الغاشم على الكويت حيث كان مديرا للمستشفى آنذاك.
شغل إلى جانب ما سبق عددا من المناصب في المجالين الرسمي وخدمة المجتمع، ومن ذلك أنه كان عضوا بمجلس إدارة جمعية منطقة القادسية التعاونية في أواخر السبعينيات، وترأس بعثة الحج الطبية عدة مرات لخدمة الحجاج الكويتيين وغير الكويتيين خلال مناسك الحج.
كما شارك الفقيد د.العياف في عدة مؤتمرات خليجية وعربية وعالمية، ومثّل الكويت في عدة محافل دولية، حيث عمل جنبا إلى جنب مع الراحل د.عبدالرحمن العوضي وزير الصحة الأسبق رحمه الله.
ونال الفقيد رحمه الله أعلى الدرجات العلمية في دراسته في المرحلة الثانوية، ثم ابتعث لدراسة الطب في جمهورية مصر العربية الشقيقة في منتصف الستينيات، واستكمل دراساته العليا ونال شهادة الماجستير في علوم العلاج الطبيعي والإدارة الطبية من جامعة ادنبرة في أسكتلندا في المملكة المتحدة.
والجدير بالذكر أن الفقيد ينتمي إلى أسرة العياف التي سكنت القبلة والمرقاب والدمنة (السالمية) بعد قدومها إلى الكويت في القرن الثامن عشر، ومن أعلام هذه الأسرة الكريمة الشيخ الفقيه المحدث السلفي عبدالرحمن بن سعد بن محمد العلي العياف الودعاني الدوسري، محدث الطائف وفقيهها المولود بروض سدير ربيع الأول 1343هـ، والحاج عبدالرحمن الإبراهيم العياف الذي عمل مسؤول مغيسل الموتى في بلدية الكويت في أوائل الثلاثينيات من القرن الماضي، والشاعر الوطني بدر بن جاسر العياف والشاعر خالد بن جاسر العياف، والسيد محمد العياف من تجار سوق البشوت ود.أحمد بن عياف العياف مدير الإدارة الفنية الأسبق للعلاج في الخارج.
وقد سبق أن تزوج الفقيد من المرحومة الفاضلة موضي العياف، والأستاذة المحامية الفاضلة لولوة السريع، والسيدة الفاضلة سهيلة الدوسري التي واصلت معه مسيرته العطرة حتى رحيله الى جوار ربه. وللفقيد أربعة أولاد: المعلمة الفاضلة أشواق، والمعلمة الفاضلة أسرار وم.عماد، والأستاذة القانونية فاطمة.
رحم الله «فقيد الكويت» د.عبدالله العياف (أبوعماد) رحمة واسعة، ونسأل الله عز وجل أن يسكنه فسيح جناته ويلهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان.