ربيع عربي لكنه أضحى جحيما خلف ضحايا بعشرات الآلاف، ومشردين بالملايين، وخسائر مادية بالمليارات أنعشت الغرب بعد أزمته الاقتصادية العالمية، مظاهرات سادت فيها مبادئ الليبرالية بتقديم الحرية على الشريعة ومع ذلك رحب بها واستبشر بعض الدعاة الإسلاميين، انقلابات عسكرية أسموها ثورات شعبية عفوية رغم أن مطالب الشعب لم تتحقق إلى هذه الساعة.
مازال البعض يغمض عينيه عن الواقع الأليم، ويتجاهل المآسي، ويماري في الحقائق، فما نعيشها في عالمنا العربي قليل الحيلة مؤامرة كسابقتها، ضحيتها شعوب مسكينة، ووقودها غوغاء ورعاع يحاربون ويسالمون لأجل كرة قدم، والمستفيد منها فقط تجار السلاح من الأحزاب السياسية التي تجيد الصفقات والتعامل مع الإعلام ومداهنة الغرب.
سار بعضهم وولج الفتن بدافع التغيير، وليس لشيء غير التغيير، فهو خلاصه الوحيد من حياته المريرة في الأنظمة المستبدة السابقة، بالعربي انتحار وإن سماه جهادا، سار دون قائد ولا دليل ولا خارطة طريق نحو مستقبل غامض، فضاع في مخططات غيره، حقا إن لم تخطط لنفسك فأنت ضمن مخططات الآخرين، وفي العالم الحاضر أكثر من يخطط لنا أعداؤنا، وما تعيشه شعوبنا العربية من أوهام الربيع العربي ما هو إلا نتاج تلك المخططات الخارجية، فإلى الآن ليس لدى الثوار تصورات للمستقبل واضحة مضمونة، ولا يعلمون ما سبب الأحداث المقلقلة والمستجدة في كل ساعة، وحسبك مصر حرسها الله.
٭ الخلاصة: لقد ابتلانا الله كشعوب بحكام عطلوا الشريعة والجهاد ورضوا بالزرع وتبعوا أذناب البقر، ولن يغير الله حالنا إلا بالطريقة التي ترضيه سبحانه (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، فما ابتلانا الله إلا لنلجأ إليه، لا لنلجأ إلى أعدائنا الذين سرهم ما حل بنا من شقاق وفراق، وفي الحديث (كما تكونوا يولى عليكم)، فما بال البعض يريد بنا السير عكس سنن الله الكونية، ولا يعتبر بالتاريخ؟!
٭ ختاما: في كل مرة تصلني أخبار عن اغتصاب حرائر الشام، أتساءل: هل حقا مازال البعض يصر على أننا نعيش ربيعا عربيا؟!
dhari_almutairi@