كثيرة هي المصطلحات ذات الأوجه العديدة، منها مصطلح «التأني»، فهو محمود في أمور الدنيا والمعاش، في حين المسارعة والمسابقة فيها نوع تهور وطيش، ولذلك الشريعة حثتنا على الاستخارة والاستشارة، بينما في القربات إلى الله والنوافل حثتنا على المسارعة والمسابقة، وذلك بنص القرآن (وسارعوا)، (وسابقوا).
ومن هذه المصطلحات مصطلح «التغيير»، فالتغيير بمعنى التطور شيء جميل تعشقه النفوس، والتغيير بمعنى الارتقاء لا يرفضه إلا متخلف، وفي المقابل الانتكاسة عند البعض نوع تغيير أيضا، انقلاب المسلم على عقبه تشكيكا في نصوص القرآن والسنة وثوابت الدين نوع من التغيير، بل الردة صراحة نوع من التغيير، لكنه تغيير نحو الهاوية.
«التغيير» بمعنى الاعتراف بالخطأ فضيلة لا يدركها إلا العقلاء الموفقون، ففي الحديث «خير الخطائين التوابون»، وهو نوع تصحيح وارتقاء، فمن يرضى بالدون إلا الدون؟ ومن يرضى ببطر الحق إلا المكابر؟ لكن مصيبتنا في أن المدندنين بالتغيير يعانون الإعجاب برأيهم، والغلو في آرائهم القديمة والحديثة، يأنفون من الاعتذار والاعتراف بالخطأ، هم أقرب إلى التلون من التغيير، وإلى الانتكاسة من التطور، يبررون تقلبهم وافتتانهم بالدنيا بالتغيير نحو الأفضل، وبالصحوة بعد الغفلة.
أخيرا: شاهدت الفلاش المتقن، الذي حمل عنوان «نعم أتغير» للداعية سلمان العودة، والذي أظنه كان نتاج ضغوطات نفسية تكالبت عليه بسبب اتفاق نقاده جميعا على اتهامه بتغيير منهجه 180 درجة، فالاستعانة بقوات التحالف لنصرة الشعب الكويتي كفر بالأمس، واليوم الاستعانة بالناتو لإنقاذ الشعب الليبي جهاد وفريضة، ومن خالف فتواه بالأمس فهو عالم سلطة ضال، ومن خالف فتواه اليوم فهو رجعي لا يفقه مقاصد الشريعة، سبحان الله.
dhari_almutairi@