ضاري المطيري
في كل انتخابات يحاول ذوو القلوب المريضة والمغرضون إحداث القلاقل والفتن، ويدخلون الناس في دوامة من القيل والقال، مفسحين المجال لعواصف الإشاعات فتهدم وتخرب وذلك في ظل وجود بعض وسائل الإعلام الفاسد، فتكثر الأقاويل وترمى الاتهامات جزافا لعيون الكراسي الخضراء الزائلة، تقطع أرحام كثير من الأسر ويدب الخلاف بينها، ويبدأ الشقاق بين الأصدقاء والأحباب، ويعيش الإنسان في حرب انتخابية مستعرة لا تنتهي إلا بعد الاقتراع.
المنافسة في الانتخابات أمر مشروع، فالكل يعرض بضاعته ويعد العدة ويحشد الحضور، لكن لا داعي للإقدام على الحط من شأن الآخرين وتسفيه المخالفين، حيث تعودنا في الانتخابات الأخيرة في ظل ثورة الاتصالات والتكنولوجيا ظهور الافتراءات والدعايات المغرضة بألوان عجيبة وصور عديدة، لذا كم أتمنى أن يكون لنواب المجلس الجديد وقفة جادة أمام الاشاعات التي ساهمت فيها معاول هدم تستتر بجلباب الحرية والديموقراطية.
للأسف لم نر من بعض الصحف والقوى السياسية أي ممارسة حقيقية للدور الوطني المنوط بها في الدفاع عن مرشحي حدس في الانتخابات من هجمة الإشاعات، ولم نر أي استنكار للإسفاف الذي لاقاه الطبطبائي والمسلم وهايف، لم نر من يتق الله ويحكّم العقل فيمن طعن في دين خالد السلطان، لم نر من تصدى لمن قسم الكويت إلى بدوي وحضري ودرجة أولى ودرجة ثانية، في حين فوجئنا بالاستنكار الكبير والمنظم على شريط اليوتيوب، لتبدأ سلسلة الانتصار لأعراض المرشحين التي أتت متأخرة وبشكل أعوج، وقديما قالوا «أكلت يوم أكل الثور الأبيض».
هاهي الانتخابات قد أفلت، وها هو الشعب الكويتي قد أبان عن رأيه، لكن يا لحسرة من تلطخ لسانه بأعراض المسلمين، ويا ويل من أضاع حسناته بالغيبة والنميمة ليأتي يوم القيامة كأفقر الناس، وطوبى لمن دخلت عليه الانتخابات وخرجت وهو طاهر القلب عفيف اللسان سالما من أعراض المسلمين.
ونتذكر حادثة الإفك التي خرجت إلى مسامع المسلمين من المهاجرين والأنصار، لتظل المدينة شهرا وهي على صفيح ساخن تغلي في شأن عائشة رضي الله عنها وعرض النبي ( صلى الله عليه وسلم )، وإذ ينزل الوحي وحكم الله، فمنهم من تولى كبره ومنهم من تفلت منه لسانه، ومنهم من انتصر لنفسه، ومنهم من عصم الله بفضله ومنّه، ثم انقشعت الظلمة وانكشفت الغمة بنزول براءة المبرأة من فوق عرشه الصديقة بنت الصديق، ليفوز من كان قوله زمن الفتنة «ما يكون أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم»، وليفرح من كان نهجه حين بلغه الإفك «لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين».
لذا علينا أن نتحلل إلى من أسأنا إليه بغيبة أو نميمة، وعلينا باستغفار الله على ما اقترفنا من ذنوب وآثام، ومن منا المعصوم؟ (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد).