«الالتزام الوظيفي» في أداء العمل الحكومي هو واجب وليس منة على الدولة ولا «تربيح الجميلة» على الناس فهو مقابل راتب مالي يتقاضاه حسب وظيفة وطبيعة عمله.
وصحيح أن «الالتزام الوظيفي» ليس حالة قانونية فقط، بل لها موقع في الإحساس الوطني والواجب الشرعي الديني، فأي شخص لديه غيرة على البلد وخوف على مصالحها ومواردها لابد أن يثبت ذلك من خلال الحركة على ارض التطبيق وان يعيش «قلق الحريص» على مجتمعه وكيان مؤسسات الوطن.
هنا «الالتزام الوظيفي» يرتبط بجانب روحي عاطفي مهم، وهذا الأمر الإيجابي فيه انه يبعد الشخص عن الحالة الميكانيكية الجافة للعمل.
نحن نحتاج في بلدنا الكويت إلى عقلية «رجل دولة» يعيش حالة سعي وجهد هادف لصناعة مستقبل حضاري، وإلى نشر تأسيس ذهنيات جديدة تؤسس للحالة المؤسسية المرتبطة بالدولة والنظام القانوني بعيدا عن حالة المكسب والخسارة التي تمثل عقلية تجارية جامدة ليس بها روح ولا ارتباط في الإحساس.
لله الحمد لدينا مثل هؤلاء الرجال، ولدينا مواقع قيادية في الدولة تريد تثبيت النظام في خط التطبيق وليس ضمن الكلام الدعائي الإعلامي، وهذا الأمر إذا استمروا فيه ولم يتراجعوا فإن ذلك بطبيعة الحال سيجعل لهم أعداء كثيرين من هنا وهناك، وقد يفقد هؤلاء القياديون «اللحظة الاستعراضية» لكنهم سيكسبون المستقبل وأيضا احترام وتقدير «المخلصين» من الذين يعيشون الرغبة في التطوير الحقيقي وتثبيت دعائم المؤسسات والمهنية السليمة، وحتى على المستوى الشعبي العام والبسيط لا أتصور أن «الناس العادية» سيعترضون على هؤلاء «القياديين المخلصين» ما دام أنه ليس هناك استثناء من هنا أو تناقض بين الخطاب الإعلامي من هناك وبين الحركة على أرض الواقع.
ما يحتاجه هؤلاء «القياديون المخلصون» هو تثبيت الاستمرارية فيما يقولونه وبين ما يحدث على أرض الواقع التطبيقي العملي، وهذا هو عادة «رجال الدولة» الذين لديهم رؤية وخطة ومشروع للنهضة والذين يعيشون «المنصب» و«الموقع» كوسيلة للإنجاز وليس ك «تنفيع للذات».
لذلك علينا رفع القبعة نحو أي حالة ساعية لتثبيت حكم القانون والطرق النظامية الإدارية لأن تلك الحالة هي داعمة للدولة وحامية للمال العام.