من عظمة الإسلام هو اتفاقه مع الحقائق العلمية الثابتة إحصائيا بما يمثل قوة في الدليل المضاعف على «الحكمة» الموجودة في التحريم وخاصة فيما يتعلق باجتناب الخمور.
هناك اتفاق وتوافق ما بين العلم والدين في هذه المسألة، حيث ان ارتباط شرب الخمور مع الأمراض المزمنة أمر ثابت إحصائيا، حيث يقدر أن عدد الوفيات السنوية بسببها في العالم يقدر بـ «ثلاثة ملايين شخص» ومنهم 2500 شخص «يوميا» في القارة الأوروبية فقط، وفي العام 2009 أصدرت الوكالة الدولية لبحوث السرطان التابعة للأمم المتحدة تقريرها المهم والذي احدث ضجة وجدلا علميا واسعا في الغرب وخصوصا في بريطانيا حيث تم «إثبات» العلاقة الإحصائية بين شرب الخمور والإصابة بأمراض السرطان، وذكر ذلك التقرير، والذي أيضا تم تحديثه مؤخرا بالعام 2020، انه لا يوجد أي كمية «آمنة» يمكن شربها، بمعنى آخر انه حتى الكميات البسيطة والقليلة من الخمور تعرض الإنسان للإصابة بالسرطانات المختلفة، ومنها سرطان الحنجرة والحلقوم والفم والمريء والثدي عند النساء والكبد والقولون بالإضافة إلى البنكرياس، وطبعا أثبت هذا التقرير أنه كلما زادت كمية الخمور التي يستهلكها الشخص ازداد معها وارتفع خطر الإصابة بالسرطانات المختلفة، وكذلك وجد التقرير أن «جميع» أنواع الخمور وأشكالها لها الخطر نفسه، حيث إن المسبب الأساسي والرئيسي هي مادة «الكحول» نفسها وليس «كيفية تصنيع وصناعة» الخمور أو مصدرها.
وأيضا ذكر تقرير آخر بريطاني صادر من وزارة الصحة هناك في العام 2015 نفس النتائج المذكورة في تقرير الوكالة الدولية لبحوث السرطان، وأضاف نقطة حيوية ومهمة من أن خطر السرطان الناتج من شرب الخمور يلغي جميع الفوائد الصحية «القليلة» الموجودة في المواد الكحولية! وقدر ذلك التقرير «البريطاني» أن قرابة 5% من السرطانات هناك سببها الرئيسي والمباشر هو شرب «الخمور» بأنواعها.
في هذين التقريرين تم التشديد والتأكيد على أن من أهم الأسباب في انتشار الخمور هو «جهل الناس» في علاقتها مع السرطانات بمختلف أنواعها، وللأسف الشديد إننا في عالمنا العربي هناك من «المختصين» من لا يتابع تلك البحوث والتوصيات الجديدة، ولهذا السبب نحن ندعو جميع «العلماء» في الاستمرار في المطالعة وترصد ما هو جديد وحديث في مجال العلوم الطبية.
ولعل من الجميل في مجتمعاتنا العربية أننا نعيش في حماية قديمة متجددة تلقائية مع الالتزام الديني والأخلاقي والثقافي بالابتعاد عنها وتحريم شرب الخمور.