مع قدوم موعد ما يسمى بـ «الجمعة السوداء»، علينا الحركة في معرفة ما وراء اللعبة بما يختص بأحداث العالم وعلينا إدراك أن هناك في العالم خصوصيات لكل دولة تختلف عما لدينا.
فليس الفرد الغربي ولا الجماعات التجارية ولا «نظام القيم» واحدا متوحدا بيننا وبينهم، فلكل منا ومنهم أشياء وتاريخ وأساس مختلف وهذا من طبيعة الأمور وليس من غرائبها وهو قانون الحياة إذا صح التعبير.
ما هو غريب هو محاولات إدخال عادة محلية خاصة داخلية لأميركا فقط إلى واقعنا وحياتنا وهي يوم الجمعة الأسود Black Friday، وهو يوم ليس له تحديد ويتغير في التوقيت كل سنة! وهي الجمعة التي تتبع عيد الشكر الأميركي Thanks giving، وتتم تسميتها بيوم الجمعة الأسود وهو تقليد استهلاكي بدأ تقريبا في العام 1950 في أميركا ويشتهر ذلك اليوم هناك بأعمال العنف والتخريب بغرض الشراء في يوم التنزيلات الأسود الذي يبدأ من ساعات الفجر. ونكرر أن هذه خصوصية محلية استهلاكية تتعلق بنظامهم الرأسمالي الاستهلاكي الساعي إلى خلق موجة شراء خادمة للجماعات التجارية هناك بعيدا عن هموم واحتياجات المواطن الأميركي البسيط.
وهذا ليس له علاقة بالواقع الكويتي ولا بالجماعات التجارية عندنا، حيث لدينا توحد مجتمعي تاريخي بين هذه الجماعات وبين الأفراد العاديين وهذا من خلال المصاهرة والعلاقات العائلية والديوانيات الحاصلة بين الأفراد والجماعات التجارية وهذا الأمر ميزة كويتية فريدة ليست متوافرة في أماكن أخرى.
لذلك من إيجابيات الجماعات التجارية الكويتية انطلاقهم من «نظام قيم» هو نفسه الموجود لدى «الأفراد» وكذلك وجود رابط اهتمام بمشاكل المجتمع والرغبة في تنميته إلى الأفضل وهذا واضح بما حصل مع إنشاء الدستور ودعم قطاع التعليم وأيضا دعم القطاع الصحي في تمويل إنشاء مستشفيات ومراكز وإعادة بناء أجنحة متهالكة، بالإضافة إلى العلاقة القوية بين القطاع التعاوني والتاجر الكويتي هذا كله وغيره أمثلة على حركة مختلفة وقناعات مغايرة متباينة معاكسة لما هو هناك في أماكن أخرى من العالم.
وبكل الأحوال والمقاييس طقس الجمعة السوداء Black Friday هو ظاهرة سلبية لا نحتاج اليها في مجتمعنا ولا تخصنا وهي تشجع على التبذير والهوس في الشراء من غير معنى.
علينا محليا التركيز على الاهتمام في الاستثمار المالي الحقيقي في الداخل في المعامل والمصانع وتقوية دور الميناء وخلق بيئة أفضل لتكبير حجم وإعداد الجماعات التجارية وهذه عادة محلية أصيلة نحتاج إلى إعادة صناعتها في واقعنا وهي لحسن الحظ متوافقة مع خطة الكويت الاستراتيجية الكبرى التي وضعها المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.