الدولة المصرية تتحرك ضمن حالة قرأت الواقع الدولي الجديد الذي يتحرك في خط عالم متعدد الأقطاب، ومعه أصبح المطلوب المرونة والحياد الإيجابي بما فيه مصلحة الدولة والمجتمع، وهذا الأمر حققته الدولة المصرية على أكثر من خط، ومنها النهضة العمرانية وتنظيم المدن وإقامة شبكات النقل البري والبحري وخطوط القطارات الجديدة والعمل على إلغاء المدن غير النظامية وما يسمى مدن الصفيح أو السكن العشوائي أو ما يطلق عليه مسمى urban sprawl.
وهذه كلها نجاحات للدولة هناك، ومنها كذلك الارتباط المفيد مع روسيا الاتحادية في ملف الطاقة النووية، وأيضا مسألة التبادل التجاري بالعملات، ما يقوي العملة ويبعد البلد عن الخسائر عند التحويل لعملة أخرى، وهي خطوة إيجابية في الخط الصحيح بدأتها كذلك دول مجلس التعاون الخليجي بقيادة المملكة العربية السعودية مع جمهورية الصين الشعبية، ومن الواضح أن المسألة مستمرة مع أقطاب دولية أخرى، ولهذه المسألة تبعات لها فائدة ومصلحة لدول المنظومة الخليجية.
ووفقاً لتقرير رسمي لشبكة «سبوتنيك الروسية»، بدأت تباشير القرار الاستراتيجي للدولة المصرية في الظهور والتبلور وأصبح ملموسا على أرض الواقع، حيث أصبح «الزيت الروسي للطعام» أول مكاسب التبادل بالجنيه المصري والروبل الروسي، حيث يبلغ استهلاك مصر من زيت الطعام 2.4 مليون طن سنويا، وتستورد مصر نحو 95% من احتياجاتها المحلية وفقا لوزير التموين المصري د.علي المصيلحي.
وبعد إقرار استخدام الروبل الروسي والجنيه المصري بين البلدين الصديقين، بدأت شبكات بيع الغذاء ومراكز التوزيع في بيع زيت طعام روسي يحمل اسم «التبرو» وهو زيت عباد شمس تنتجه شركة «افكو» التي تمتلك 30 مصنعا للأغذية في جمهورية روسيا الاتحادية وهي شركة واحدة من ضمن 40 شركة تورد منتجاتها للمعرض الدائم للأغذية الروسية.
وقال مدير المعرض عمر البلتاجي إن الشركات الروسية المصنعة للمواد الغذائية هي من ترغب في التجارة مع «الدولة المصرية» «مباشرة» من دون وسطاء، ما سيخفض الأسعار، ويبلغ حجم الميزان التجاري بين مصر وروسيا نحو 6 مليارات دولار وفقا لبيانات 2020.
إن انخفاض الأسعار هي البداية لهكذا قرارات استراتيجية مهمة تضع مصلحة الدولة والمجتمع هناك في الحسبان، ومن المتوقع كذلك زيادة حجم التبادل التجاري، ما يعني الفائدة والربح للجماعات التجارية في البلدين، وأيضا «راحة المواطن» مع وجود بدائل أرخص ولعلها أفضل، ولكن بكل الأحوال هي «ضربة معلم» لرجال الدولة المصرية، فتحية لهم.