القمة العربية التي ستقام في المملكة العربية السعودية ستكون حتما منعطفا تاريخيا إذا استمرت هذه الأجواء الطيبة الممتازة في المصالحات العربية الجانبية والوحدة التنسيقية، خاصة مع حالة الانتقال الدولية لعالم متعدد الأقطاب، وهي لحظة للتاريخ يجب أن نلتقطها كـ «عرب» لنصنع «لحظة عودتنا في خط صناعة النهضة والإبداع الحضاري والأمن الجماعي ضد أعدائنا» من خلال الوحدة والتضامن العربي المشترك الذي سيصنع منا «قوة»، وهنا علينا كـ «أنظمة رسمية» وكـ «شعوب» وضع خطط لهذا الأمر، والكل من موقع مسؤوليته، لذلك تأتي الأهمية التاريخية للقمة العربية التي ستقام في الرياض ومع عودة دولة سورية ومشروع المصالحة بقيادة المملكة العربية السعودية، فإني أتصور أننا أمام انعطافة إيجابية ضد من هم أعداؤنا ومتآمرون علينا.
إن الكل يعلم ويعرف أنه حين تتقاتل الأقطاب الدولية فيما بينها، لا اعتبار للدول الضعيفة التي لا تستطيع الدفاع عن نفسها، فلا مكان للنية الطيبة، ولا احترام للوعود والاتفاقيات، ولا قيمة للتصريحات الكاذبة عن الأدوار المحورية والأهمية الاستراتيجية والعلاقات المتوازنة، فالعالم اليوم لا يحترم غير الأقوياء، والقوة ليست حالة عسكرية فقط بل هناك قوة الاقتصاد والإعلام والعمل الأمني الاستخباراتي والعمليات الخاصة والقوة المصرفية والمقاطعة التجارية ومنع الطيران والحرب القانونية وحرب الثقافة.. الخ.
ضمن هذا السياق، علينا أن ندرس اعتراف إيهود باراك رئيس الكيان الصهيوني السابق بأن لديهم قدرات نووية، وهذا الاعتراف أيضا تم سابقا في العام 2001 حيث نقل عن رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتانياهو، في محادثات مغلقة أنه علينا إزالة الغموض وعلى «إسرائيل» أن تكشف عن قدراتها النووية.
إذن الاعتراف متكرر وهو إقرار بما هو متداول سابقا على نطاق واسع بأن الكيان الصهيوني يمتلك أسلحة نووية وأيضا بأن لديه قدرات للحرب الكيماوية، وبرنامج هجومي للحرب البيولوجية وبنفس الوقت كان الصهاينة يعرقلون أي جهود عربية لإنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، وأيضا عدم احترام الصهاينة للأمم المتحدة عندما ألزمتها بالانضمام إلى معاهدة عدم الانتشار وإخضاع جميع منشآتها النووية لنظام الضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية وهذا تم عندما أصدرت اللجنة الأولى للجمعية العامة للأمم المتحدة في 30 أكتوبر 2022 قرارا بأغلبية الأصوات ضد البرامج النووية للكيان الصهيوني.
هذا كله هو إثبات أن الصهاينة أعداؤنا وسيظلون أعداءنا المتآمرين علينا والساعين للقضاء على كل ما هو عربي، وأن صراعنا معهم «وجودي» وليس «حدوديا»، وهذا ما أثبته سابقا رفضهم لمبادرة السلام العربية التي طرحها المغفور له بإذن الله الملك عبدالله بن عبدالعزيز في العام 2002 وهي المشروع الوحيد العربي الشامل لصناعة سلام في المنطقة، وهو ما كشف زيف ادعاءات الصهاينة وعدم صدقهم بما يتعلق بـ «السلام»، واثبت للعالم أنهم مشروع شر عنصري توسعي لن يتوقف إلا بتدمير العرب.. كل العرب. لذلك، علينا أن نتحرك بالوحدة العربية والتضامن فيما بيننا والتنسيق والعمل المشترك وهذه هي لحظة التاريخ الإيجابية لقمة الرياض المطلوب اصطيادها والعمل عليها.