إن إدمان التدخين من سجائر ونارجيلة وشيشة وباقي أنواع التبغ له أضرار يعرفها الجميع، خاصة أنه لا يصيب الجهاز التنفسي فقط، إنما يؤثر على أعضاء الجسم كافة، ويؤدي إلى عدة أمراض خطيرة من بينها تصلب الشرايين والذبحة الصدرية والسرطانات بأنواعها، وكذلك يزيد خطر الإصابة بالسكتة والعقم عند الرجال والنساء، ويؤثر على لون الأسنان واللسان، ناهيك عن مشاكل رائحة الجسم والفم الكريهة، وأيضا تسببه بالخسارة المالية مع الإنفاق المتواصل تلبية لهوس الإدمان.
إن التدخين عادة غير مستحبة وإدمان كريه، والدولة مشكورة تحركت بشكل سليم مؤخرا في خط تطبيق قانون مكافحة التدخين، حيث الكل لاحظ عدم رؤية التدخين في المجمعات والمطاعم والمقاهي، وهذا من الخطوات الإيجابية في الطريق السليم، وبكل تأكيد يجب أن تتبعها قرارات أخرى لاحقة لمحاربة هذه العادة، ولكن أتصور أن التركيز يجب أن يشمل «منع» الجيل الشاب والأطفال، ومحاربة أن يبدأوا بتلك العادة، لأنه بوابة لإدمان طويل من الصعب السيطرة عليه لاحقا، لأن الإقلاع من الإدمان أكثر صعوبة، فالوقاية أفضل من العلاج.
لذلك علينا محاصرة مواقع التحفيز والدعاية ومنها منع الإعلانات التجارية عنه، ومنع تعاطيه في الأماكن العامة، ووضع ضريبة مالية صحية على جميع المنتجات المرتبطة بالتبغ، وكذلك إبعاد مراكز البيع والتعاطي عن المناطق السكنية والتجارية بمسافات طويلة.
إن الإقلاع عن التدخين من الأمور الصعبة، لذلك يأتي دور شهر رمضان كـ «فرصة ثمينة» للتخلي نهائيا عن التدخين، فمن يستطيع التوقف عن إدمان التبغ لمدة تزيد على الستة عشرة ساعة يوميا يستطيع أن يكون ذلك دافعا له لاستمراره بالتوقف طول الشهر وخاصة مع إحساسه بمنافع الإقلاع، حيث تبدأ حالا مع تغييرات تظهر على الجسم خلال أول 20 دقيقة، حيث تبدأ نبضات القلب في الانخفاض، وبعد يومين تنخفض نسبة أول أكسيد الكربون وهو مادة سامة، وتتحسن الدورة الدموية في غضون بضعة أيام إلى بضعة أسابيع، وتعود حاستا الشم والتذوق للعمل بفعالية تدريجيا، ويصبح التنفس أسهل وتتحسن وظائف الرئة بشكل ملحوظ، وتنخفض نسبة الإصابة بالجلطات القلبية إلى أكثر من 50% مقارنة مع المدخنين خلال سنة، وتقل نسبة الإصابة بسرطان الرئة تدريجيا مع كل سنة بعد ترك التدخين.
لذلك من يقول إن من هو مدمن تدخين لفترات طويلة لا فائدة من إقلاعهم وتوقفهم عنها، فهذا الكلام غير صحيح ويخالف الحقائق العلمية الإحصائية، لذلك نقول إن شهر رمضان هو فرصة يستطيع المدخنون الانطلاق لتصحيح حياتهم وصحتهم من اجل أنفسهم وعائلاتهم لكي يعيشوا أعمارهم في عافية وسعادة، والمسألة تحتاج للإرادة والعزيمة قبل كل شيء، ونحن كذلك نشد على يد الدولة بأن تتحرك بخطوات قانونية تطبيقية إيجابية أكثر تخدم الصالح العام بما يخص منع التدخين من اجل مستقبل الأجيال القادمة.