نعم، «كورونا» قمة جبل الجليد، فهي أزمة كشفت لنا الخلل من جديد، وكشفت حجم انتشار الفساد على مختلف المستويات بكل تأكيد، فأصبح الفساد ظاهرا للقريب والبعيد، بل أصبحنا نسمع من قصص الفساد المزيد، حتى العطاء والتضحية في ظل هذه الأزمة لهما ثمن عند العديد، بل استغلت «كورونا» من البعض فأصبحوا يتكلمون من غير أسانيد، ولهذا الوضع أسباب عديدة سأذكرها بعد هذا التمهيد، فقد غاب في كثير من المواقف القرار السديد، ولم يعد البعض يخشى القانون والوعيد، بل وصل الحال إلى أن أصحاب الفساد أصبحوا يستخدمون لغة التهديد، لكل نفس إصلاحي أو ممارسة منها المجتمع يستفيد، بل لهذه الجهود مارسوا التحييد، مبتغى البعض منهم كيف له من هذه الأزمة أن ينتفع ويستفيد، بالسرقة وخيانة الأمانة من أجل أن يزيد الرصيد، جعلتهم فتن الدنيا والبعد عن الله للمال من العبيد، وجرتهم للصراعات والمهاترات على حساب المواطن والتطور والتشييد، منهم تجار السياسة والمال وأصحاب النفوذ من فرضوا على جهود الإصلاح الكثير من التقييد، من يستغلون المنصب والنفوذ ولا يراعون العهود، ويظنون أنهم أذكياء بتصرفاتهم وأنهم قادرون على خداع العديد، ولكن مآلهم لمزبلة التاريخ، فإن طال الزمن أو قصر فسينكشفون، وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح، ولكن يجب أن تكون لنا وقفة وألا نكتفي فقط بالتنديد، أو الكتابة والتغريد، بل بالعمل الجاد والاستخدام الرشيد، لموارد الدولة والحرص على معاقبة المقصرين بالتحديد، والتوقف عن السرقة والإسراف والتبديد، والعمل على البناء والتشييد، وذلك يتطلب منا جهدا جهيدا، وصدق النية بالإصلاح وإيقاف الهدر على كل صعيد، والحزم والضرب بقبضة من حديد، لمن تسول له نفسه للإفساد وسرقة الأموال حتى لو كان مبلغا زهيدا، فأين المصلحون وأين المخلصون من هذا العبث الشديد، وأين المبادرون للم الشمل من جديد؟ ومن أجل إحقاق الحق وإذابة هذا الجليد، الجاثم على الكفاءات من أهل هذا البلد وأصحاب الرأي السديد، فكل جهد من أجل هذا الوطن سيلقى بإذن الله التأييد، بشرط ألا تكون هذه الجهود عن طريق الحق تحيد، فلنضع الأشخاص المناسبين لكل منصب للإنجاز لا للتمجيد، لنخلق لمجتمعنا عالما سعيدا، وتكون ساعاتنا وأيامنا كلها عيد، بصراحة مازال في جعبتي المزيد، لكن لا أريد أن أطيل القصيد، وأتمنى أن المعنى من هذا المقال وصل للقارئ من دون أي تعقيد.
ختاما، أقول: هذه الأزمة فرصة لتقدم مع النية الخالصة لله ما يزيد رصيدك من الحسنات، وفرصة كذلك لتزيد رصيدك من المال ليس بالجشع واستغلال الحاجات، وفرصة لنقد الذات والعمل بالخفاء إرضاء لرب السموات وفرصة للمصالح الشخصية وحفظ النفس من الخوض في المســـاومات، فاخــتر لنفسك الفرص.
ربي يتقبل من كل مخلص في عمله ويجزيه خير الجزاء، من يعمل بعيدا عن الأضواء، ويقينا شر الأعداء، ويحفظ بلادنا من جميع أنواع البلاء.