فيروس كورونا وانتشاره في العالم أعطانا دروسا وعبرا ونتج عنه خسائر متنوعة على مختلف المستويات، ولكن ماذا عن فيروس الفساد، الذي نخر في البلاد، وهو من صنع البشر، ففيروس كورونا يقتل الأفراد، وفيروس الفساد يدمر البلاد.
فيروس الفساد موجود وبدأ يتمدد وينتشر، بل في كل سنة يتحور ويظهر بصور مختلفة. فعجز الحكومة في ضبط الفاسدين يجب ألا يتحمله المواطن الذي هو ملتزم بالقوانين.
للأسف هناك من يقتات على الفساد، ويحارب الإصلاح، فهؤلاء كالفيروس على النظام، ينشرون الفوضى، ويعطلون مصالح الناس، ولا يراعون حرمة المال العام.
المستفيد الأول من أي مؤسسة متخمة بفوضى المراجعين على سبيل المثال هو بعض المسؤولين والموظفين الذي يقتاتون على هذه الفوضى بزيادة شبكة معارفهم من الواسطات والمحسوبيات والاستفادة من مناصبهم لتحقيق مصالح ضيقة، على حساب الوطن والمواطنين والله المستعان.
فلو يعلم ويعي هؤلاء ما يفعلون، وأن وراءهم حسابا لرجعوا وتابوا، فالمسؤولية الموكلة لهم والله إنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أتى بحقها.
أقول للفاسد قبل أن يأتي الأجل، فيومها لا ينفع الندم، ارجع إلى ربك. قال ابن الجوزي رحمه الله «كلامك مكتوب، وقولك محسوب، وأنت يا ذا مطلوب، ولك ذنوب وما تتوب، وشمس الحياة قد أخذت في الغروب فما أقسى قلبك من بين القلوب».
تأمل هذه الدنيا جيدا، فلا تدري إذا جن ليلها هل ستعيش إلى فجرها، فكم من صحيح مات من غير علة، وكم من مريض عاش دهرا.
فإلى متى أنت لاه عن ربك، وتضيع يومك، كما أضعت أمسك، وتؤجل توبتك، وأنت لا تضمن نفسك، أين ندمك، على ذنبك وتقصيرك، ماذا عملت لإصلاح عيبك، وماذا قدمت ليوم عرضك، وأنت وحدك، لا ينفعك جاهك، ولا مالك وولدك، ولا منصبك، هل عملت لكي يؤتى كتابك بيمينك، فهذه حياتك، فاستدرك ما فاتك، واعمل الصالحات قبل مماتك، واملأ صحيفتك بما يقربك من المالك، «وتذكروا حين تقوم الأشهاد: إن في القيامة لحسرات، وإن في الحشر لزفرات، وإن عند الصراط لعثرات، وإن عند الميزان لعبرات، وإن الظلم يومئذ ظلمات، والكتب تحوي حتى النظرات، وإن الحسرة العظمى عند السيئات، فريق في الجنة يرتقون في الدرجات، وفريق في السعير يهبطون الدركات، وما بينك وبين هذا إلا أن يقال: فلان مات، وتقول: رب ارجعوني، فيقال: فات». (مواعظ ابن الجوزي).
أسأل الله أن يصلح البلاد والعباد، ويحمينا من زمرة الفساد، ويسخر لحكامنا البطانة الصالحة، وأن يمكنوا علينا خيرنا، ويهدينا وإياهم إلى طريق الحق والصواب، آمين يا رب العالمين.