إذا عنونا كلامنا بالنظام الصحي المحترم، فهل هذا يعني أن هناك نظاما صحيا غير محترم؟ نعم هناك نظام صحي غير محترم وهو النظام الذي لا يحترم أوقات المراجعين، ولا مشاعرهم، ولا حاجاتهم، ولا أولوياتهم، ولا نفسياتهم، ولا علاقاتهم، ولا معلوماتهم، ولا اختياراتهم، ولا أمنهم، ولا سلامتهم.
في البداية يجب أن نعلم أن مفهوم الصحة أكثر من مجرد زيارة طبيب أو أخذ دواء وعمل تحليل. النظام الصحي نظام معقد ويشمل الألوف من الخدمات المتداخلة، لذلك يجب الوضع بعين الاعتبار هذه المعطيات، عند تقديم الخدمات للمستفيدين الذين يجب أن يوضع رضاهم واحترامهم على سلم الأولويات.
الكلام في هذا المجال لا ينطبق فقط على النظام الصحي، ولكن على أغلب المؤسسات والمنظمات والشركات على اختلاف طبيعة عملها وأهدافها، وسنتكلم عن النظام الصحي كمثال.
النظام الصحي المحترم دائما يضع متلقي الخدمة في المقدمة ويوفر خدماته من عناية ورعاية متى ما احتاج إليها في المكان المناسب وبالوقت المناسب وعن طريق الأشخاص المناسبين وبالطريقة الصحيحة والمناسبة، دون تفرقة أو تمييز. كذلك النظام الصحي المحترم، لا يعاملك بفوقية، ولا يستغل حاجتك إليه، ولا يراك الطرف الأكثر ضعفا.
النظام الصحي المحترم نظام متعاون، يضع المستفيد في المقام الأول، ولا يحمله سوء التنسيق بين جهاته المختلفة. إن كان النظام معقدا ويرمي المستفيد بين جهة وأخرى، بداع أو بغير داع، ويزيد من توهان المراجع، فهو للنظام غير المحترم أقرب.
النظام الصحي المحترم يحترمك كشخص ويحترم اختياراتك ورغباتك الصحية، ويوفر لك المعلومة بأسهل الطرق، ويتميز بالوضوح والشفافية، ويشركك في اتخاذ القرار، فهو يعتبر سلامتك أولوية، وهو مؤتمن على صحتك الجسدية والمعنوية والمادية.
كذلك النظام الصحي المحترم نظام مبادر لتوفير احتياجاتك الصحية والمساعدة في الحصول عليها بأسهل الطرق وبجودة عالية، وبأقل المعاناة، ودون إهدار أموالك وأوقاتك وصحتك ونفسيتك، سواء كانت خدمات وقائية، أو علاجية، أو تأهيلية، أو غيرها من الخدمات الصحية.
ولتقريب المعنى من المقال، سأضرب لكم مثالا، ينطبق عل الكثير من المؤسسات، وأترك لكم الحكم. من يكون له الأولوية في مصافط السيارات، وقربها من مكان تقديم الخدمات، هل من كلما ارتفع منصبه في هذه المؤسسات، هل هو من يدير هذه الجهات، أو العاملون على توفير الخدمات، أو المستفيدون من هذه الخدمات، أو من يحتجون أن يكونوا قريبين من مكان توفير الخدمات، وعندها ستعلم من له الأولوية في هذه المؤسسات. مثال آخر، هل دورات المياه النظيفة وكافية العدد؟ تجدها لمن يدير هذه الجهات، أو العاملين على توفير الخدمات، أو المستفيدين من هذه الخدمات، فقم بترتيبهم وستعرف الجواب لمن هو على سلم الأولويات، وقس على ذلك. ضربت مثالا قد يكون بسيطا وهامشيا عند البعض، ولكن هذا يعطيك صورة نمطية، إذا كانت المؤسسة تحترم المراجع وتعتبره أولوية.