«القانون فوق الجميع»، هو شعار جميل، وكلما تم الالتزام به ساد النظام، وقلت الفوضى، وانحسر الفساد، وهو في الوقت نفسه معيار لتقدم الدول، وتفاضلها، وصعودها، وتطورها، ونموها، وارتقائها. ودائما يرتبط مع سيادة القانون العدل، وهنا تتحقق مقولة القانون فوق الجميع.
فكيف نعرف إذا كان القانون فوق الجميع في المؤسسات أو الشركات أو في الدول بشكل عام؟ أول أمر، هم من تحت وطأة هذا القانون، هل يشهدون بعدالة القانون، ولا يتظلمون أو يتشكون من مسطرة القانون؟ الأمر الآخر، هل القانون يطبق على الجميع بسواسية وعدالة دون الاعتبار للاسم، أو المكانة، أو النسب، أو الحسب، أو الصفقات والمساومات؟ هل في الأجهزة المعنية بتطبيق القانون لا يوجد ولا يتفشى الفساد والرشوة وعدم الإنصاف واتباع الأهواء؟ هل يتم اختيار الأكفاء والثقات ممن يتصفون بالإنصاف ومن بحق نطلق عليه القوي الأمين في تطبيق القانون؟
إن كان الجواب لا، فتصح مقولة إن «القانون فوق الجميع»، شعار يحتاج إلى التطبيق الفعلي.
قد يقول القائل إن ما ننشده أن يكون القانون فوق الجميع هذا ضرب من الخيال، وخاصة في هذا الزمان. وأقول لا يوجد قانون كامل وبلا شك هناك بعض الثغرات أو الفساد في أي نظام قانوني، وهذا ليس المقصود، ولكن حكمنا على الغالب.
والأمر الآخر إذا اكتشفت هذه الثغرات فالعبرة بكيفية التعامل معها، ولا نقصد عدم وجودها. نحن معشر المسلمين نفتخر برمزنا وقدوتنا وحبيبنا من هو أعدل البشر وأفضلهم، من وضع قواعد القانون العادل والنزيه الذي لا يعتريه النقصان، وهو محمد ﷺ. وأذكر فقط في هذا المقال مثالا من قواعد القانون التي رسخها نبينا لأمة الإسلام، فهل من مدّكر.
ففي حديث عائشة رضى الله عنها: «أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا: من يكلم فيها رسول الله ﷺ؟ فقالوا: من يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حِب رسول الله ﷺ؟، فكلمه أسامة، فقال رسول الله ﷺ: أتشفع في حد من حدود الله؟، ثم قام فاختطب ثم قال: إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) (متفق عليه).
أسأل الله أن يعيننا على العدل بين الناس، وتحكيم قوانين رب الناس، وعدم التفرقة والتمييز بين الناس، حتى نزرع الطمأنينة في قلوب الناس، ونجعل مقولة القانون فوق الجميع أمرا موثوقا عند الناس، وليست أكذوبة يعيشها الناس.