المشكلات والتحديات في القطاع الطبي تتصاعد، وأصبحت موضوعا ساخنا للنقاش في المجتمعات. تسارع شيخوخة السكان، مع تحول عبء المرض من الأمراض المعدية إلى الأمراض المزمنة غير السارية، مثل السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب نتجت عنه زيادة الطلب والضغط على خدمات الرعاية الصحية، وكذلك أزمة كورونا كشفت حجم هذه التحديات.
إن فهم التحديات والنهج لإدارة وتقديم خدمات الرعاية الصحية أمر ضروري لاستبدال الطريقة التقليدية لإدارة القطاع الطبي.
نعم قبل علاج المريض يجب معالجة نظام الرعاية الصحية المريض. تستثمر الكثير من الدول مبالغ ضخمة في نظام الرعاية الصحية، وتقوم بالعديد من التغييرات والاستراتيجيات والإصلاحات والتي تبدو فعالة من حيث ارتفاع الصرف والتكلفة، إلا أنها لسوء الحظ لها تأثير ضيق في تحسين جودة وكفاءة الخدمات، وإمكانية محدودة لعلاج المرض المزمن الموجود داخل النظام الصحي.
لذلك، لمواجهة التحديات المختلفة بشكل فعال، يجب تبني نموذج جديد مع تغيير طريقة إدارة النظام الصحي من خلال تعديلات متعددة وجذرية في السياسة الصحية والبحوث الطبية والتعليم ونهج الإدارة بشكل عام.
لا تكمن المشكلة فقط في كيفية توفير الرعاية الصحية، بل تكمن أيضا في مفهوم الرعاية الصحية المقدمة. ولهذه الأزمة المتنامية أسباب منها، أنه لدينا نظام لإدارة المرض والتخفيف من الأعراض، وليس نظام رعاية صحية، فنحن نعالج المرض في مراحله الأخيرة بدلا من المحافظة على صحة المجتمع، كما أن النظام الصحي الحالي غير مستدام. الحل لنظام الرعاية الصحية المريض هو معالجة الأسباب الحقيقية للمرض، سأعرض بعض التوصيات العامة لتحقيق ذلك.
في التخطيط ووضع الاستراتيجيات، يجب الوضع بعين الاعتبار التعريف الواسع للصحة العامة ويشمل مفاهيم عدة مثل مساعدة ودعم المزارعين على زراعة أغذية صحية، تقليل التلوث المسبب للأمراض في الهواء والماء والغذاء.
كذلك يجب أن تركز مناهج كلية الطب على الصحة، بدلا من المرض والتشخيص فقط. تفعيل دور الرعاية الأولية التي تعالج الأسباب الحقيقية للمرض بدلا من مجرد تخفيف الأعراض على المدى القصير.
إعطاء الأولوية لتعزيز الصحة الشخصية والوقاية من الأمراض وليس فقط التركيز على الأدوية والإجراءات باهظة الثمن. لتحقيق ذلك سيكون من الجيد تكوين لجنة لتزود المسؤولين بالإرشادات العامة والخطوات العملية لإنشاء نظام رعاية صحية حقيقي ومستدام.
لقد استثمرنا موارد ضخمة في بناء المراكز والمستشفيات، وفي المناقصات الطبية، وفي العلاج بالخارج وغيرها وهذا مطلوب، ولكن حان الوقت لإعادة النظر في أولوياتنا.
ستؤدي المحاولات والجهود لإصلاح الرعاية الصحية إلى تحسين تدريجي، ولكن فهم التغييرات المطلوبة قبل الإجراءات المتخذة أمر لابد منه.
تبدأ هذه التغييرات بتغيير عقلية القادة وطريقة إدارة النظام، حيث يكون التركيز على جودة الخدمات وكفاءتها وفعاليتها أكثر من الاستثمار فقط في البنية التحتية ومرافق المنظمة، والسعي بتقديم رعاية صحية متكاملة.