خلال دراستي العليا في علم الإدارة درست مادة تسمى إدارة التغيير (Change Management). التغيير إن لم يكن مدروسا ولم يتم التخطيط له، وإجراؤه وتنفيذه بعناية، فقد يضر أكثر مما ينفع! فالتغيير أمر لابد منه، ولكن يجب أن نحذر فأكثر من 50% من جميع مبادرات التغيير غير ناجحة. وهنا يأتي دور إدارة التغيير ويبرز سبب اعتبار معرفة كيفية التخطيط والتنسيق وتنفيذ التغيير مهارة قيمة يجب أن يتعلمها القادة ومن يتبنون التغيير أو على الأقل أن يستشار من هم ضالعون في هذا المجال.
إدارة التغيير هو نهج يضمن تنفيذ التغييرات بدقة وسلاسة، ليكون لها التأثير المطلوب. تعتمد إدارة التغيير على نظريات في العديد من التخصصات، بما في ذلك علم الإدارة وعلم النفس، وعلم السلوك، والهندسة وغيرها. هناك العديد من نماذج ونظريات التغيير كنموذج لوين وكوتر وغيرهما. الفكرة المركزية لجميع نظريات إدارة التغيير هي أنه لا يحدث تغيير على الإطلاق بمعزل عن غيره، بل يؤثر التغيير على المنظومة بأكملها ومن ضمن ذلك الأشخاص الموجودين فيها. لذلك علينا فهم التغيير، ومعرفة لماذا نحتاج للتغيير، وما أهدافه؟ وماذا ستكون فوائده؟ كيف ستؤثر إيجابيا على الناس؟ قد يكون من المفيد أيضا التفكير في النتائج السلبية لعدم إجراء التغيير.
يحتاج الناس أيضا إلى الشعور بالثقة في أن النهج الجديد سيكون أفضل، وأن هناك طريقا واضحا للوصول إليه. يجب أن يكون هناك الوعي بالحاجة للتغيير والرغبة في المشاركة فيه ودعمه، والمعرفة عن كيفية تنفيذه، والقدرة على التغيير، وأخيرا ضمان الحفاظ على التغيير على المدى الطويل.
لا يحدث التغيير الفعال عن طريق الصدفة، وغالبا يحتاج التغيير إلى وقت، ولكن يكفي أن نجعل ممن يتأثرون بالتغيير أن يلتمسوا فوائد هذا التغيير ويحسون أنهم على المسار الصحيح. ولكن في بعض الملفات نحتاج للتغيير السريع، ولكن كيف السبيل إلى ذلك؟ في علم إدارة الأزمات، هناك ما يسمى بالعلاج أو التغيير بالصدمة، أغلب التغييرات تحتاج إلى سنوات، بل حتى إلى عقود، وهنا يبرز دور وجود رؤية.
ولكن التغيير بالصدمة من خلال قرارات أو إجراءات أو سياسات مفاجئة وسريعة وصادمة تؤدي إلى نتائج سريعة، ولكن التحدي هو المحافظة على تلك النتائج. فلسفة التغيير بالصدمة، عادة تعتمد إما على قرارات جذرية ومفاجئة وعادة لتلك القرارات ضحايا.
أما دوافع التغيير بالصدمة فقد تكون واقعة ما، كما حدث في أزمة جائحة كورونا، أو بسبب سياسة جديدة وراءها شخص نافذ ومتمكن. خطورة التغيير بالصدمة أنها معرضة للفشل والإتيان بنتائج عكسية وخاصة عندما تكون المقاومة أقوى من المؤثر. كذلك صعوبة الديمومة، وخاصة عند ذهاب الدافع والمؤثر للتغيير. الخلاصة قد نحتاج بعض الأحيان إلى فلسفة التغيير بالصدمة، ولكن بلا شك ليس في جميع الملفات.