مــا زال في الأمــة خـــير، فالخــير لا ينقطع، والوفاء موجود، والقلوب مجتمعة، والمسلمون إخوة، وحتى إن علت الأصوات الهدامة، والإعلام الفاسد، وإن قيل الخير يخص والشر يعمّ.. نعم نحن وإخوتنا من مصر إخوة، رضي من رضي وأبى من أبى.
من مصر الشقيقة، من بلد الأنبياء، من مسكن العلماء، من مقبرة الغزاة، من البلاد التي يتميز أهلها بالعاطفة الدينية الجياشة، حيث قال أفضل البشر رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنكم ستفتحون مصر، وهي أرض يسمى فيها القيراط، فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها، فإن لهم ذمة ورحما، أو قال: ذمة وصهرا، فإذا رأيتم رجلين يختصمان في موضع لبنة فاخرج منها». قال: فرأيت عبدالرحمن بن شرحبيل بن حسنة وأخاه يختصمان في موضع لبنة فخرجت منها» (رواه مسلم).
ودّعنا بالأمس القريب أحد زملائنا في العمل الأخ محمد زهران من هذا البلد الطيب، عاش مع إخوته في الكويت، وعمل فيها أكثر من 30 سنة، بتفان وإخلاص، كما أشار مسؤوله المباشر، وسيغادرها إلى وطنه مصر بكل حب ووفاء، لم ينس فضل بلد الكويت المعطاء، من تسعى إلى التقريب بين القلوب، بلدي التي خيرها وعطاؤها للجميع، في كل بقاع العالم، من غير فضل ولا منّة.
فرغم معرفتي البسيطة به، والتي لا تتعدى السنة رأيت في يوم وداعه المحبة والأخوة من جميع العاملين في جو أخوي بحضور المسؤولين والموظفين، من الجميع، بتمازج جميل، ألغيت فيه جميع الفروقات، فهذه المحبة الصادقة والمثال الحي، أبلغ رد على كل من يحاول أن يدق «إسفينا» بين الشعوب المسلمة، ويغذي الفتنة النتنة، ويلعب على وتر العصبية.
فلا تغركم المهاترات الإعلامية، ولا الأبواق المدفوعة، ولا ناشري الحقد والحسد وما يفرق الشعوب، فإنهم مجرد فقاعات عابرة أضعف من فقاعات زبد البحر وأهون من خيوط العنكبوت، وتظل أخوتنا نحن الشعوب المسلمة رغم أنفهم، قال تعالى (إنما المؤمنون إخوة..) (الحجرات ١٠).
فأخوتنا في الله، التي يلتقي فيها المؤمنون على حب الله ومرضاته والاعتصام بمنهجه القويم، ويراعون الحقوق، من المحبة والتناصح والتعاون والبذل، والحرص على اجتماع الكلمة ودفع الظلم والأذى، وتفقُّد الأحوال، والإصلاح، والتقوى، والإحسان. فكل مسلم مؤمن هو أخي في الإسلام، مهما كان لونه، أو جنسه، أو بلده، أو حسبه ونسبه، ويجب أن نعلم أن كل البلاد العربية هي بلاد المسلمين.
أما النماذج السيئة من أي بلد كان فلا تمثل إلا نفسها، ولا ينبغي التعميم، وأي عمل ينافي الخلق الحميد، خلق القرآن، ونهج نبي الرحمن، فالإسلام منه براء.
نسأل الله النجاح لأخينا محمد زهران، وأن يوفقه لما يحب ويرضى، وأن يبارك له في دينه وعمره ورزقه وصحته وعافيته وذريته وأهله، وأن يغفر له خطاياه ويتقبله في واسع رحمته، ونلتقي دائما على الخير والمحبة.