اجتاحت «كورونا» العالم أجمع ليصبح هذا الوباء عالميا ووقف العلماء أمامه في حالة ذهول، بل وعجزوا في بداية الأمر عن مكافحته.
صحة الإنسان وسلامته هي الهاجس الأول لدى المجتمعات والدول المتقدمة والنامية على حد سواء، وأصبح التفكير أولا وأخيرا يتمحور في الإنسان الذي يصنع الأجيال.
وخوفا من انتشار المرض وانتقال العدوى ظهرت قوانين تلزم الإنسان بالمكوث بالمنزل وعدم التنقل.
من هذه القوانين الحظر الكلي والجزئي والتباعد الاجتماعي.
التلاميذ والطلاب مسؤولية الأوطان:
وهنا كانت المسؤولية كبيرة على عاتق الأوطان لحماية الأفراد، وأولهم التلاميذ والطلاب، فقررت وزارة التربية التعليم عن بُعد.
نعم هذا هو الحل الأمثل فصحة الإنسان لا تقدر بثمن.
حتما، هناك عواقب وخيمة لهذا القرار، لكننا مقتنعون بأنه قرار صائب يحمي أبناءنا من وباء لا تحمد عقباه.
مرحلة التأسيس:
من الطبيعي أن التعلم عن بُعد ليس شبحا مخيفا خاصة مع طلاب المرحلة الثانوية والجامعية.
تبقى القضية قضية التلاميذ في مرحلة التأسيس خاصة الصف الأول والثاني الابتدائي، أو المرحلة الابتدائية بشكل عام.
وإذا ما تساءلنا لم المرحلة الابتدائية بالذات؟
نقول: إنها العماد في تأسيس العلوم وتكوين المهارات وتعلم مبادئ القراءة والكتابة لكلتا اللغتين العربية والأجنبية على حد سواء.
المرحلة الابتدائية هي أهم مرحلة في التعليم لدى التلاميذ فهي العماد وكلما كان العماد قويا كان قادرا على الارتقاء وتحمل جميع الصعاب للنهوض بالعملية التعليمية.
وإذا ما اصبح هذا العماد ضعيفا فإنه سيصبح متهالكا قابلا للسقوط والانهيار من أول عاصفة.
لقد اهتمت الدول المتقدمة بالمرحلة الابتدائية اهتماما بالغا، وقد خصصت لهذه المرحلة المعلمون الذين يعشقون مهنتهم وهم في ريعان شبابهم، لهم طاقة العطاء وبهم الحيوية، لديهم دعائم الأخلاق والصبر على هفوات الأطفال، يحملون مشاعر الحنان ولهم حاسية الرفق بالتلاميذ الصغار.
يكون الاختيار عبر اختبارات ومقابلات شخصية بعيدة عن كشف درجاتهم الجامعية، فمرحلة التأسيس لا تحتاج معلما حاصلا على الامتياز في الدرجات العلمية، بل تحتاج معلما قادرا على توصيل المعلومة، ويملك عددا من المميزات ومنها القدرة على الابتسام وخفة الحركة وخفة الروح والظل، وتنبض الحيوية من مقلتيه.
فالمرحلة الابتدائية ونجاحها يعني نجاح التعليم وتحقيق الأهداف والأمنيات.
هل حقق التعليم مبتغاه في الجائحة؟
ما يهمنا عبر هذا السؤال هو تسليط الضوء على المرحلة الابتدائية، فهل نجح التعليم عن بُعد وحقق مبتغاه عبر جائحة كورونا لتوصيل العلم وبناء قواعد التعليم على أعمدة قوية لا غش فيها؟
هذا السؤال يجب أن يسأله كل معلم في المرحلة الابتدائية لنفسه، فإذا افتتحت المدارس أبوابها وعادت الحياة لطبيعتها، فإن الرسالة ملقاة على عاتق كل معلم في المرحلة الابتدائية، في أن يحاسب نفسه، هل استفاد التلميذ من أساسيات العلم العام الماضي؟ وإذا انتقل التلميذ من مرحلة إلى أخرى ووجدته عاجزا عن فهم أساسيات العام الماضي فماذا ستفعل؟
إن رسالة التعليم هي رسالة الأنبياء، وهى رسالة الضمائر، فالمعلم يعطى بلا مقابل، وإذا ما شعر بعجز التلاميذ عن الفهم فهنا يكمن دوره في شرح ما سبق ليس إلزاما عليه كما ورد في المنهج، ولكن إلزاما عليه حسب ضميره أمام الله ثم أمام وطنه.
إنها مسؤولية كبرى تقع على عاتق المعلمين ما بعد جائحة كورونا في توصيل المعلومة لكل من فاته الفهم العام الماضي بسبب التعليم عن بُعد.