تطوير التعليم يتطلب من المسؤول أن يفهم ما المقصود بالمصلحة العامة، فهذا المصطلح عجز قادة التعليم عن فهمه وتعاملوا مع المعلم بعاطفة الحب والكره، وأصبح تقييمهم للمعلم بقدر ما يحملونه في قلوبهم تجاهه من مشاعر، وغاب عن ذاكرتهم مفهوم المصلحة العامة ومصلحة الوطن، ودخلوا في الذمم وحرموا بعض معلميهم من حقهم في الترقية وحقهم في تقييم امتياز، وكان الانتقام دربهم عندما لم يمنحوا كل ذي حق حقه.
لربما يقول البعض إن هذا الكلام مبالغ فيه، ولكن حتى لو كان ما نقوله يحمل نسبة 50% أو حتى 1% فإن جرح وظلم معلم واحد من مائة يعني أننا ظلمنا وطنا كاملا، فهذا الوطن لا يمكن أن ينهض إلا بالتعليم، والتعليم عماده المعلم، والمعلم لا يمكن أن يبدع وأن ينتج وأن يطور من عمله وأدائه وهو يشعر بالظلم والقهر والانهيار، وهو يرى ثمرة جهده الإحباط، وأنه فقد أبسط حقوقه من ترقية أو من تقييم امتياز، بينما يرى المقصرين من حوله وصلوا القمم بسبب مدير تعامل معهم بمبدأ «إن حبتك عيني ما ضامك الدهر»، أو بسبب نفاقهم ومجاملتهم وحيلهم التي اتكأوا عليها، فنجحوا في كسب قلب المدير.
إننا في حالة تراجع في التعليم بسبب النفاق والمحسوبية والشللية والقبلية والمذهبية، وحتى ننهض بالتعليم يجب أن يأخذ كل معلم حقه بعيدا عن الشخصانية.
والشخصانية مفهوم واسع جاء من كلمة شخصي، والأمر الشخصي هو الأمر الكامن في النفس، ومنها جاءت العلاقات الشخصية والأمور الشخصية التي تلامس الإنسان، بعيدا عن عمله فلا تؤثر على وظيفته.
والمدير الشخصاني هو الذي يتعامل مع موظفيه بما يحمله من مشاعر، حسب تجاربه الشخصية معهم، فإن كانت تجاربه الشخصية معهم جميلة ومؤثرة سيحمل لهم في داخل نفسه الذكريات الجميلة والود والعرفان وسيمنحهم تقدير امتياز، وإذا كانت تجاربه الشخصية مؤلمة تحمل المعاناة والحقد والخلافات الدائمة، فإنه سيقوم بإعطائهم تقدير جيد جدا أو جيد.
هذه مصيبة إذا أصبح المدير يقيم موظفيه حسب علاقاته الشخصية معهم بعيدا عن ضمير الدين وضمير الوطن.
إن تطوير التعليم يحتاج منا إلى التعامل مع المعلم بعيدا عن الشخصانية، والتفكير في المصلحة العامة.. مصلحة الطلبة ومصلحة الوطن.
فهل من مستجيب؟