العلم هو بوابة تحسين الحياة الحديثة، لحل أكثر المشكلات إلحاحاً وتعقيداً في العالم. وريادة الدول لا تقتصر على قوة اقتصادها أو زعامتها السياسية، بل تتعدى إلى الريادة في البحث العلمي وترجمة النتائج إلى تطبيقات لتحقيق رغد الحياة وتطورها، فأدت الأبحاث في مجالات العلوم الأساسية إلى أكثر الاكتشافات إنقاذا للحياة في القرن الماضي كما شكلت نجاحا تجاريا، بما في ذلك الليزر واللقاحات والأدوية وتطوير الإذاعة والتلفزيون.
فمن دون البحث، كانت جميع التطورات التكنولوجية وغيرها من التطورات ستظل خيالات. ويعتبر البحث وسيلة ضرورية وقيمة في حياتنا اليومية، لأنه أداة لبناء المعرفة وتسهيل التعلم، ففي الماضي انتشرت أمراض حصدت أرواح البشر كالسل والملاريا حتى تم الوصول إلى علاجها والوقاية منها بتطوير اللقاحات ما بث الأمل للحياة الصحية السليمة للبشر، لذلك يجتهد الباحثون من أجل تحسين المعرفة في مجال تخصصهم برغم كل التعب والمعاناة لإيمانهم بأن ما يقومون به يسهم في عجلة التنمية وتحسين جودة الحياة البشرية.
الحياة المادية الحديثة سيطرت على توجهات الناس، فأصبحت غاية أحلام الغالبية امتلاك الماديات والعيش برفاهية، بينما نجد من نذروا أنفسهم للبحث العلمي والدراسة على استعداد تام للانهماك في البحث حتى الوصول إلى النتائج المرجوة، وهذا ما أثبتته جائحة «كوفيدـ19» التي نعيشها حاليا وكيفت تخطيه ليعيش العالم براحة فاندفع الباحثون للاستجابة السريعة لحالة الطوارئ التي عمت العالم بأسره. وكيف توجهت الأنظار إلى العلماء والباحثين فأصبحوا هم لب وقادة الوقت الحالي.
فقد أظهرت أزمة فيروس «كوفيدـ19» بشكل واضح الدور الأساسي الذي تقوم به النظم البحثية في حل التحديات المشتركة، ومسؤولية الحكومات والمجتمع المدني وإشراك القطاع الخاص للتعاون ودعم الباحثين.
تقرير اليونسكو للعلوم 2030 يذكر أن هناك نموا بنسبة 21% في عدد الباحثين حول العالم بين عامي 2007 و2013، حيث شكل الباحثون 0.1% من سكان العالم، وأن إجمالي الإنفاق العالمي على البحث والتطوير نما أسرع (30%) من الاقتصاد العالم (20%).
فالاستثمار الحقيقي هو استثمار العقول لتحويل المجتمع من مجتمع مترقب إلى مجتمع قادر على معرفة مشاكله ووضع الحلول للوصول إلى بر الأمان وصناعة مستقبل أفضل.
ولو وجهنا أنظارنا نحو دولتنا الكويت، فإننا بحاجة ماسة إلى دعم واقعي وصريح للمختصين والباحثين واكتشاف العقول الواعية وتنمية قدراتهم.
نحتاج لأن نستوعب أن العلم لا ينفصل عن البحث وبتضافرهما ستتوافر أنشطة إنتاجية تتنوع بها ميادين العمل والإنتاج الجاد وتنبثق عنها مشاريع واضحة المعالم تسهم في زيادة الدخل الاقتصادي العلمي للوطن، وهو الأمر الذي يقودنا إلى ضرورة تشجيع العقول الشابة على العلم ورفع الهمم للدراسة والتخصص العلمي وفتح مناخ واسع للإبداع والابتكار واحتضان المتميزين لتستفيد الدولة من قدراتهم العلمية والإنتاجية.
* أستاذ مساعد في كلية الصيدلة - جامعة الكويت
[email protected]