تصادف هذه الأيام الذكرى الحادية والثلاثين للغزو العراقي الغاشم على بلادنا، واحد وثلاثون عاما مضت ولا تزال بعض آثارها ماثلة أمامنا، فقبل أيام كان موعد الكويت مع احتضان عدد من رفات أبنائها الشهداء الذين التحقوا بأشقائهم من أبناء الكويت الذين أبوا إلا أن يكونوا في مواجهة العدو الغاشم وجحافل قواته الباغية، فمنهم من استشهد في أرض المعركة ومنهم تم أسره ليلحق بمن سبقه من أبناء الوطن البررة وهناك من ننتظر معرفة مصيره قريبا بإذن الله تعالى.
نعم، واحد وثلاثون عاما مرت على الاحتلال، وعادت كويتنا حرة أبية بفضل الله تعالى وبوقوف أبناء شعبنا خلف قيادتنا الحكيمة وأسرة آل الصباح الكرام، وبوقوف دول العالم الشقيقة والصديقة إلى جانب الحق الكويتي خلال تلك الأزمة وجميعنا يستذكر جهود أمرائنا الراحلين سمو الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله، وسمو الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله، رحمه الله، وأمير الإنسانية الراحل سمو الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله، وأيضا صاحب السمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد، حفظه الله، وكيف كانت لمواقفهم وجهودهم عظيم الأثر في نقل صوت الحق الكويتي للعالم، ديبلوماسيا وإنسانيا، وكذلك في ثبات أبناء شعبنا الوفي خلف قيادته الحكيمة وعدم الاعتراف بسلطة الاحتلال العراقي ومقاومته على جميع الصعد، حتى كانت فرحة التحرير وعودة الحق إلى أصحابه، ونتمنى أن يكون ذلك درسا لكل من يضمر شرا للكويت وأهلها، فالكويت كانت منذ تأسيسها بلدا قائما على الألفة والتراحم ونبذ الفرقة بين الأشقاء، ليس للغدر في قاموسها مكان ولا للحرب عندها عنوان إلا ضد من اعتدى فاحتلت مكانتها الدولية بمبادراتها الإيجابية إنسانيا واقتصاديا وبمد يد العون للمحتاجين في جميع الدول والبلدان من دون أي تفرقة أو تمييز ومن منطلق إنساني وإغاثي.
وما أحوجنا هذه الأيام لأن نستذكر ذكرى الغزو وما صاحبها من آلام من جهة وعزيمة وإصرار على التحرير من جهة أخرى، مع التأكيد على البذل أكثر في سبيل نهوض بلدنا وعودة اللحمة بين أبناء شعبنا، وأن نعمل معا على محاربة الفساد الذي بدأ الجميع يتحدث عنه في معظم المواقع، وليكون التحرر من الغزو محفزا لنا على وضع الكويت ومصلحتها فوق أي اعتبار بعيدا عن التعصب الفئوي أو القبلي وأن تكون عصبيتنا للكويت ومصلحتها فقط، ولنسأل أنفسنا أين أصبحنا بعد أكثر من ثلاثين عاما على التحرير، على مستويات التربية والتعليم والصحة والبنية التحتية ومشاكل الإسكان والقضايا الخدمية وغيرها من الأمور التي تضع الدولة لها سنويا ميزانيات مليارية لمشاريع كان من المتوقع أن تشكل نهضة حقيقية لكويتنا لتعود درة الخليج كما كانت وأفضل، فأين نحن من كل ذلك؟ وكيف سيكون مستقبل أجيالنا القادمة؟!
والله المستعان.