تجارة الإقامات والاتجار بالبشر الكارثة القديمة الجديدة التي تقف وراء كثير من المشكلات والمصائب التي نتعرض لها، فرغم كل المآسي والمصائب التي تنزل بنا وانشغال الشارع الكويتي بقضية الصندوق الماليزي وأجهزة غسيل الأموال والنائب البنغالي والوزير والمسؤول الفاسد إلا أن ما لا يمكن إنكاره أن الكثير من الصدمات خرجت من رحم تجار الإقامات الذين باعوا ضمائرهم للشيطان وانتهكوا حرمة البلاد دون رقيب أو حسيب.
قبل سنوات تم ضبط 55 ألف شركة وهمية تستقدم العمالة من مختلف أنحاء العالم، ما تسبب في كارثة لا يمكن غض الطرف عنها، وانتشار المئات من حالات الظلم والقهر والاضطهاد وما تصفه المؤسسات بالاتجار بالبشر، وإيقاع الظلم على عشرات الآلاف من المقيمين بصورة شرعية في البلاد.
سمعنا في التقارير عمن باعوا بيوتهم للسفر إلى أرض الأحلام الكويت وانتهت الرحلة بهم إلى سرير فردي في غرفة مشتركة يقطنها 10 أو يزيدون وربما إلى عمل لا يليق بهم وبمستواهم الدراسي وراتب لا يكفيهم للحياة إلا إلى منتصف الشهر.
سمعنا آهات المظلومين وصرخات المنكوبين، ورأينا عبرات تسكب وندما على الانجرار وراء هذه العصابة التي قدمت نفسها بلبوس الحمل ليظهر أنها ذئب شرس، فلا هم قادرون على العودة بسبب كونهم ضحية لشركات وهمية واستدانة مبالغ هائلة لسداد قيمة الإقامة ولا هم قادرون على الحصول على عمل كريم براتب جيد.
أين وصلت قضية هؤلاء الظلمة؟ لماذا لا نسمع عن محاكمات وأحكام عادلة، هل هناك جهات تغطي فسادهم والتفافهم على القانون.
سمعة الكويت لم تعد تحتمل هذه الممارسات، ولو صنفت قضية الاتجار بالبشر قضية أمن دولة لا يعد هذا خطأ، فهذه الممارسات تمس أمن الدولة في الصميم.
ما يلزمنا للحد من هذه الممارسات قوانين لحماية العمال من جشع أصحاب الأعمال بدل الصراخ في المجلس وانتقاص المقيمين واحتقار الجنسيات واستصدار قوانين التركيبة السكانية وزيادة الرسوم على المقيمين الشرعيين وزيادة الأعباء المالية عليهم، في حين تصرف المليارات على أزمة كورونا.
الفساد عائلة واحدة تتعدد أفرادها بين قتل وسرقة واختلاس ورشوة واتجار بالبشر وغسيل للأموال، والضحية هم أبناء الوطن والمقيمون على أرضه، لذلك نرى اليوم موظفين محرومين من رواتبهم الشهرية في شركات تقدر قيمتها السوقية بعشرات الملايين من الدنانير، فبأي ذنب تجوع؟! وأين حقوق هذه العمالة في الحياة الكريمة؟!
المطلوب إجراءات قانونية صارمة وعقوبات رادعة وغرامات مرتفعة لردع هذه الفئة التي تنتهك سمعة الكويت في المحافل الدولية وتسيء إلى البشرية والقيم الأخلاقية.