قبل ثلاث سنوات وتحديدا في ١ أبريل ٢٠١٧ تفاءلنا خيرا بمعالي الوزير خالد الروضان ونفضته الالكترونية ونيته المعقودة على انتشال وزارة التجارة من الروتين القاتل ومكافحة الدورة المستندية وإعادة جانب من الرونق المفقود لاقتصادنا الوطني، ولما أعلن معاليه عن إطلاق «مركز الكويت للأعمال» لم نكن نستوعب أن معاملة تأسيس شركة تجارية ستنجز خلال 3 أيام بحد أقصى، فالأمر كان في نظرنا أشبه بالحلم الذي نودع فيه طوابير الانتظار والملل والواسطة والمحسوبية وننفتح على عصر رقمي جديد تنجز فيه المعاملات «كمبيوتريا» وترسل فيه الطلبات الكترونيا، وتتابع فيها الملفات عن بُعد.
عندما أعلن الوزير عن «مركز الكويت للأعمال» عاش الشباب الكويتي والباحث عن النجاح فرحة غير مسبوقة، وتصدر هذا الإنجاز التاريخي وسائل الإعلام المحلية المرئية والمقروءة والمسموعة، وتم الحديث في تلك الأيام عن أيام معدودات على الأصابع تشجعك على المضي في تأسيس شركتك والانطلاق في فضاء العمل الحر وتفجر عبره طاقاتك وتكتشف نفسك، تسهيلات كبيرة تتعلق بتراخيص الشركات أعلن عنها الوزير الروضان منادية شباب الوطن: ألا هلموا للانخراط في ميدان العمل الخاص والأنشطة التجارية والخدمية وإثراء الوطن بأفكاركم وخبراتكم.
بعد انقضاء ٣ سنوات على هذا الإنجاز الطيب الذي يحسب للأخ «بو ضاري» تغيرت الأمور وأصبح تأسيس شركة تجارية واقعا مريرا، فمركز الكويت للأعمال الذي كان واجهة عصرية بات اليوم مكانا لتعطيل المصالح ودفن الأفكار في مهدها وبث الملل في نفوس الشباب من المضي قدما في تأسيس الشركة.
ما أتحدث به ليس مشكلة فردية مع شخص واحد لا يحسن التعامل مع التقنية، إنما يتعلق الأمر بسيل عارم من الأخطاء التقنية المتكررة في نظام مركز الكويت للأعمال، وآلية تنفيذها واختفاء أرقام المتابعة لدى الجهات الأخرى مثل البلدية والداخلية، وظهور رسائل الخطأ عند انتهاء تقديم المعاملة إلكترونيا، بل جهل بعض الموظفين أو الطباعين في مركز الطالب بما يحدث من أخطاء تقنية، وترك المواطن الكويتي رهينة انتظار معاملة لن تكتمل إلا بمتابعة خاصة من موظف بعينه، بل إن بعض المراجعين عندما بلغ اليأس لديه ذهب لمراجعة المركز بمنطقة أشبيلية وتفاجأ بعدد من المراجعين الذين يعانون من نفس المشاكل.
بعض الموظفين في المركز يتناوبون مهمة تقليل المراجعين داخل المركز، فيقف أحدهم على الباب ويمنع دخول من ليس لديه باركود، ويوعز للمراجعين باللجوء إلى المنصة الإلكترونية وحجز موعد، رغم أن المنصة تعاني من أخطاء تقنية متكررة لم تجد لها حلا حتى الآن.
معالي الوزير.. أليس هذا تعطيلا للمصالح؟ البعض أصبح مضطرا للجوء للواسطة، وسيل الشكاوى يتدفق دون تجاوب عملي من القائمين على المركز، فأكثر الإيميلات المرسلة لا تتم الإجابة عليها.
وللأمانة نقول: إن الأمر لم يكن كذلك في بداية إطلاق المركز، فقد كانت المعاملات سلسلة والإجراءات تتم بسهولة ويسر، أما الآن فلا نعلم ما يجري، فهل ترضى يا معالي الوزير أن يصاب إنجازك الإلكتروني في مقتل؟ بل يحدث هذا في وقت ذي حساسية عالية بسبب الوضع الصحي الذي تعيشه البلاد وتحتاج من خلاله إلى ميكنة المعاملات وسرعة إنجازها.
ألم تصل التقارير السلبية إليكم بهذا الشأن بدل الإيجابية؟ وأين المعالجة لها من خلال حكمتكم وسداد رأيكم؟ ما نحتاجه معالي الوزير أن تبقى متابعا لهذا العمل الجبار وأن يوضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وأن يتم زيادة عدد التقنيين الأكفاء لحل مشكلات هذا النظام خصوصا مع آلاف المعاملات.
الواقع مرير وما يجري لا يحتاج إلى تفسير وتبرير وإنما إلى إعادة البريق لهذا المركز الذي يمثل واجهة الاقتصاد الوطني والقطاع الخاص، فنحن بحاجة إلى الإبداعات والمشاريع لإثراء البلاد، أما إذا استمر الأمر على هذه الحال فإننا أمام كارثة حقيقية، وفشل تاريخي وأخطاء تزداد وتتضخم.