كلما أعلنت جهة ما عن مشروع جمع الكتب المستعملة توافدت مئات الكراتين المليئة بآلاف الكتب، بالضبط مثل الإعلان عن الملابس المستعملة للمحتاجين واللاجئين، ومعظم هذه المشاريع تستهدف الدول الفقيرة التي تبحث عن ورقة مطبوعة لتتعلم منها القراءة وتكتسب منها العلم.
وينافس هذه المبادرات مصانع إعادة التدوير، التي تعرض على الناس التخلص من الصحف والكتب المدرسية المستعملة والكتب المستهلكة، لتقوم بجمعها ثم طحنها وإعادة تدويرها لصناعة ورق جديد، مثلما ينافس اللجان الخيرية في الملابس تجار سوق الجمعة.
تعد ثقافة التطوع والتبرع من المبادرات الكويتية المميزة، يشارك فيها المواطنون والمقيمون، إلا أن هذه الثقافة تحتاج إلى تنظيم وتطوير لاستفادة مثلى من الجهد والمواد المتبرع بها، فمن المناسب أن يبادر المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب لإنشاء إدارة خاصة بالكتب المستعملة، ويضع لها خطة متعددة الاتجاهات، بالتنسيق مع عدة جهات، وتفعيل الشراكة المجتمعية، ونشر مفهوم التنمية المستدامة.
وأقترح أن تكون الآلية وفق الخطوات التالية:
1- تكون البداية بحملات إعلامية مستمرة طوال العام لجمع الكتب المستعملة، في مراكز متعددة في جميع المحافظات، ولتكن على سبيل المثال المكتبات العامة في كل منطقة، ومن ثم يتم تجميعها في مقر مركزي.
2- يتم فرز الكتب بين الصالح والتالف تماما، وبين النادر والمتوافر، وحسب الموضوع، وستكتشف الإدارة وجود مخطوطات وكتب نادرة، كما حصل مع الباحث صالح المسباح.
3- تباع الكتب التالفة تماما على شركات إعادة التدوير.
4- تفرز كتب المدارس الصالحة لإرسالها إلى الدول الفقيرة، بالتنسيق مع المؤسسات الخيرية، شرط أن يتحمل المجلس تكاليف الشحن.
5- تفرز الكتب الصالحة لتـــباع في مراكز متنقلة في كــل الكويت طوال العام بأسعار رمزية، وممكن تكون معارض متنقلة بين الجمعيات التعاونية والكليات والمدارس.
6- يخصص جناح في معرض الكتاب العربي للكتب المستعملة بأسعار رمزية.
7- ترسل الكتب الفائضة في نهاية الموسم إلى الدول الفقيرة، بالتنسيق مع المؤسسات الخيرية.
وبالتالي نكون أنجزنا عدة أهداف من هذه العملية، تحقق أهداف التنمية المستدامة التي تدعمها الأمم المتحدة، وفي نفس الوقت نشجع الشباب على القراءة من خلال بيع الكتب في المدارس والكليات بأسعار رمزية، وتقديم جوائز لمن يقدم تقريرا عن الكتاب الذي اشتراه.
تبقى الكتب المستعملة مشكلة عالمية وليست محلية، والنجاح في كيفية تحويل هذه المشكلة إلى إيجابية فاعلة في المجتمع. وبانتظار المبادرة.