اعترض صديقي البروفيسور بومشعل العائد من أميركا على اعتبار أحداث 11 سبتمبر 2001م «مؤامرة»، واصفا ذلك بتفكير العرب الدائم منذ ثورات الخمسينيات، ولن يتطور حالهم ما دام هذا تفكيرهم. ولا يلام في ذلك، فقد عاش فترة طويلة من عمره أسيرا للإعلام الأميركي بشكل عام، وبالأخص في سرد تفاصيل هذه الحادثة، أو باتهام العرب بأنهم أسرى ثقافة المؤامرة.
ورفض فكرة المؤامرة ليست جديدة على مجتمعاتنا الشرقية، وذلك لمن يريد التعامل وفق سياسة (1+1=2)، وضرورة موافقة التفسير للمنطق العقلي الذي يتصوره هو فقط، فقد رأينا سياسيين وديبلوماسيين ومفكرين ومثقفين رفضوا فكرة مؤامرة الاحتلال العراقي للكويت، ومن قبل الحرب العراقية- الإيرانية، وإسقاط الشاه، والانقلاب على مصدق بعد تأميم النفط، والانقلاب على الملكية في مصر والعراق، وغير ذلك كثير.
ذكرت لصاحبي بومشعل عددا من التحليلات المنشورة عالميا، من مفكرين غربيين (لأنه يثق بهم أكثر) التي تؤكد افتعال الحدث، بدءا من أسلوب اختطاف الطائرات الساذج، وانقطاع اتصالها عن الأرض، وتأخر خروج الطائرات الحربية لمواجهتها، ثم تغيير مسارها لمكان آخر، إضافة لصعوبة سيطرة الطيار لتوجيه الطائرة بهذا الاتجاه وبهذه الطريقة وبهذه المساحة (وهذا كلام طيارين محترفين)!
تلا ذلك أسلوب سقوط البرجين بشكل عمودي، بنفس طريقة هدم العمارات بالمتفجرات. ثم الإعلان السريع من الرئيس الأميركي جورج بوش الابن وإعلانه أنها «حرب صليبية»، قبل أي تحقيق أو تبني أي جهة للحدث، ورفع كشوف أسماء من كانوا في الطائرات من المطارات، واتهام أسماء محددة بالحدث، وتضارب أسماء بعض المتهمين الذين أعلن آباؤهم أنهم موجودون في بلادهم (السعودية ومصر)!
وقبل ذلك كله شراء البرجين - قبل الحدث بأيام - بسعر مخفض لضرورة تغيير الاسبست السام في كل المبنى، ثم التأمين العالي للمبنيين، فكان الهدم بهذه الطريقة السياسية أسرع وأرخص، مع تعويض أفلس شركة التأمين، فضربوا عدة عصافير بحجر واحد، وهذه لا يتقنها إلا «اليهود».
ثم تغيب 4000 موظف «يهودي» من المبنى يوم الحدث، (كما تغيب جميع الموظفين الأميركان في الكويت عند تفجير القنصلية الأميركية في الثمانينيات)، والتصوير الاحترافي للحدث من عدة زوايا، ورقص شباب يهود وهم يصورون الحدث فرحا به، والإفراج عنهم مباشرة بعد القبض عليهم، وسفرهم من أميركا!
وبعد فترة صرح وزير خارجية بريطانيا الأسبق روبن كوك (وأحد معارضي الحرب على العراق): لا يوجد شيء اسمه «القاعدة»، وهي دعاية وراءها أميركا، وغيرها عشرات التصريحات المشابهة لذلك.
التفتُّ بعدها إلى صديقي بومشعل وسألته: ما رأيك الآن؟ فقال ضاحكا: وهل تركت لي رأياً؟!
أذكر ذلك ونحن نعيش اليوم ذكرى أحداث 11 سبتمبر، لتعيد لنا أجواء المؤامرة مجددا، في فلسطين وليبيا ومصر والشام والعراق وتونس وإيران واليمن والجزائر والسودان وموريتانيا وماينمار ومسلمي الروهينغا والصومال وباكستان والأكراد.. وغيرها من بلاد المسلمين ولا سواهم، وسط استسلام غريب للإعلام السلبي، وهبوط في الإعلام العربي، فهل بعد ذلك من يحك رأسه ليعي ما يسمع ويرى؟!!
ووسط كل هذه الزوابع في منطقة تغلي هنا وهناك، يبرز قائد العمل الإنساني ورائد الحكمة الديبلوماسية سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح في مبادراته الإنسانية الدولية لإغاثة الملهوف، ومساعدة المنكوب، وبناء الإنسان، وتحقيق التنمية المستدامة، دونما نظر إلى مصلحة سوى خدمة الإنسانية. ودعنا نسميها مواجهة إنسانية لمؤامرات لا إنسانية، فله كل الشكر والتقدير على هذه الجهود العالمية.