طلبت فرنسا من مصر في الثمانينيات استضافة مومياء فرعون لإجراء اختبارات وفحوصات أثرية، فتم نقل جثمانه إلى باريس، وحملت المومياء بموكب رئاسي، ونقلت إلى جناح خاص في مركز الآثار الفرنسي، ليبدأ بعدها كبار علماء الآثار في فرنسا وأطباء الجراحة والتشريح بدراسة تلك المومياء واكتشاف أسرارها، وكان رئيس الجراحين والمسؤول الأول عن دراسة هذه المومياء هو البروفيسور موريس بوكاي.
كان موريس يفكر كيف مات هذا الملك الفرعوني، ثم كيف نجا جثمانه، وظهرت النتائج النهائية، لتبين أن بقايا الملح العالق في جسده أكبر دليل على أنه مات غريقا، وأن جثته استخرجت من البحر بعد غرقه فورا، ثم تم تحنيطه. لكن كيف بقيت هذه الجثة أكثر سلامة من غيرها، رغم أنها استخرجت من البحر؟!
أعد موريس بوكاي تقرير اكتشافه الجديد أن جثة فرعون تم انتشالها من البحر وتحنيطها بعد غرقه مباشرة، فقال له أحدهم: لقد تحدث المسلمون عن غرق هذه المومياء، وأن قرآنهم روى قصة غرقه وسلامة جثته بعد الغرق بالتفصيل.
فأخذ يتساءل: كيف ذلك وهذه المومياء لم تكتشف إلا في العام 1898 بينما القرآن موجود قبل أكثر من 1400 عام؟ وكيف يستقيم هذا في العقل، والبشرية لم يكونوا يعلمون شيئا عن قيام قدماء المصريين بتحنيط جثث الفراعنة إلا قبل عقود قليلة من الزمان فقط؟! وقرأوا له الآية (فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون).
جلس موريس بوكاي ليلته محدقا بجثمان فرعون يفكر بإمعان بما ذكره القرآن عن نجاة هذه الجثة بعد الغرق، بينما كتابهم المقدس يتحدث عن غرق فرعون أثناء مطاردته لسيدنا موسى (عليه السلام) دون أن يتعرض لمصير جثمانه، وأخذ يقول في نفسه: هل يعقل أن يكون هذا المحنط أمامي هو فرعون الذي كان يطارد موسى (عليه السلام)؟ وهل يعقل أن يعرف محمد (صلى الله عليه وسلم) ذلك قبل أكثر من ألف عام؟
طلب موريس التوراة، ولم يجد فيها ما يفيد ذكر نجاة هذه الجثة وبقائها سليمة!
انتهت البحوث ومعالجة جثمان فرعون وترميمه، وأعادت فرنسا المومياء لمصر، ثم سافر موريس لمقابلة عدد من علماء التشريح المسلمين في مصر، ليذكر لهم اكتشافه الجديد، فذكروا له بالتفصيل ما ذكره القرآن في قصة موسى (عليه السلام) مع فرعون، مع الشرح والتفسير، فقال: لقد دخلت الإسلام، وآمنت بهذا القرآن.
عاد موريس بوكاي إلى فرنسا، ومكث 10 سنوات يبحث في علوم القرآن، ودراسة تطابق الحقائق العلمية والمكتشفة حديثا مع القرآن الكريم، ومقارنتها بالتوراة والإنجيل، فلم يجد تناقضا علميا واحدا مما تحدث به القرآن، وخرج مقتنعا بأنه (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد).
وأعلن موريس اكتشافاته ومقارناته العلمية المذكورة في القرآن الكريم في عدة مؤتمرات علمية في عدة دول، وأعلن إسلامه، وأصدر كتابه «القرآن والتوراة والإنجيل والعلم.. دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة».
وقد أبدع السينمائي الكبير الفاروق عبدالعزيز في إنتاج عدة أفلام وثائقية مستوحاة من هذا الكتاب، تم عرضها في العديد من القنوات الفضائية.
لقد سخر الله عز وجل الآخرين لخدمة العلم، ونقل رسالة واضحة للعالم عن صدق الرسالة الإسلامية، ويبقى علينا جميعا التعاون في نشرها لعل الله يهدي بها آخرين. وأن ينتبه الدعاة لضرورة تغيير أسلوب الدعوة بالاتجاه العلمي الذي قد يقنع العالم المتحضر بشكل أكثر سلاسة.