سمعنا كثيرا عن الجمعة السوداء (Black Friday) في أوروبا وأميركا، وهو يوم تقدم فيه المحلات الكبرى تخفيضات تصل إلى 90% لمدة يوم واحد، فما حكاية هذا اليوم؟
يوجد لهذا الاسم (Black Friday) تفسيران، وهما:
التفسير الأول: وهو الأكثر شهرة في المواقع الإلكترونية، أنه في عام 1869م تعرضت أميركا لأزمة اقتصادية كبرى، فكسدت البضائع وتوقفت حركة البيع والشراء، فكان أحد أبرز الحلول بيع البضائع بنظام الجملة، وبأسعار مخفضة جدا لدرجة التصفية، حتى استعادت الشركات توازنها اقتصاديا.
وأصبحت بعدها عملية التخفيضات والتصفيات وسيلة دارجة، بدأت عشوائية، ثم انتظمت بعد فترة من الزمن، حتى أصبحت هناك خصومات المناسبات، مثل الكريسماس، وعيد الشكر، ورأس السنة.. وغيرها، واستحدثوا يوما ليكون للتصفيات الكبرى ليوم واحد، وهو يوم الجمعة قبيل نهاية الأسبوع، ومع الزمن حدد يوم التصفية بيوم الجمعة الذي يأتي بعد عيد الشكر مباشرة في أميركا (Thanksgiving)، والذي يكون عادة آخر خميس من نهاية شهر نوفمبر من كل عام.
وتمت تسمية هذا اليوم «الجمعة السوداء» أول مرة عام 1960م من قبل شرطة مدينة فيلاديلفيا، بسبب الاختناقات المرورية والفوضى والازدحام في الشوارع.
ويقال إن سبب التسمية تجاري بحت، فالسواد يدل في المحاسبة (آنذاك) على الربح والتخلص من الموجود في المستودعات، بينما يعبر اللون الأحمر عن الخسارة وتكدس البضاعة وكساد العمل.
ثم انتشرت هذه الفكرة لاحقا في بعض دول أوروبا، وأبرزها بريطانيا، وبحكم التقليد الأعمى، تم نقل الفكرة إلى بعض الدول العربية.
التفسير الثاني، وهو الأقل شهرة، أنه في عام 1869م كانت حملة لبيع العبيد الأفارقة بالمزادات، أو سوق النخاسة، وكان يتم بيعهم بنظام التصفية والمزايدة بعد انتهاء الحرب الأهلية الأميركية، وكانت توضع قائمة تفصيلية بالأسعار، (رجل أو امرأة، صغير أو كبير، مزارع أو عامل، أسرة أم أفراد، امرأة مع ولدها.. الخ).
وكان اليوم المخصص لبيع العبيد هو يوم الجمعة، ولأن العبيد سود، أطلق عليه (Black Friday)، وقد وثق الرسامون آنذاك لوحات بيع العبيد السود.
وتذكر الروايات أنه بدأت عملية الاستعباد في الفترة ما بين القرنين السادس عشر والتاسع عشر ميلادي، حيث تم خلالها نقل حوالي 12 مليون أفريقي إلى الأميركتين، والأقاليم التابعة لأميركا.
والآن.. هل نسعد بنقل كل سلوك أو كلمة يقولها الغرب دون تيقن؟ حتى إن البعض من باب التقليد، أطلق عليه في بعض البلاد العربية «الجمعة البيضاء»!
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «والذي نفسي بيده لتتبعن سنن من كان قبلكم، شبرا بشبر، وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه».
أما يوم الجمعة فهو يوم كريم، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا علي من الصلاة فيه»، وقال: «خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة»، وبالتالي لا ينبغي علينا اتباع كل ما يأتينا من ثقافات خارجية، وعلينا احترام خير أيام الله، قال تعالى: (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)، خصوصا بعدما عرفنا أصل تلك التسمية.
والله يحفظكم.