مقاصد الأمور هي غايتها ونهايتها التي يجتهد الشخص أو المجموعة لبلوغ ذلك المقصد بكل ما أوتوا من وسائل مشروعة لا تتعارض مع مبادئهم التي هي أساس مقصدهم وغايتهم. ولذلك زخرت اللغة العربية والشريعة الإسلامية في عبارات تتماشى مع هذا المنهج مثل الأمور لمقاصدها والغاية تبرر الوسيلة والغايات هي أمور كمالية يندب لها بفضائل الخصال ونبل القيم وكرامة الإنسان.. هذا ما نفهم من الشريعة والحضارة العالمية الإنسانية.
وبعد تجاوز منتصف العام الثاني للربيع العربي وحالة الفوضى على أشدها والقلق وعدم الاستقرار هو الوضع الثابت، يتضح للمواطن البسيط والمتابع الشديد أن الأمور ليست لمقاصدها والغاية لا تبرر الوسيلة، الشعوب العربية خرجت من الظلم الى الظلمات ومن الفقر والعوز الى العدم والمهلكة وذلك بسبب بسيط للغاية وهو أن المقاصد كانت غير سوية ومتفقة والغايات كانت ضيقة وقاصرة ولم تكن بمستوى الشعوب.
لم تخرج الشعوب العربية وتخاطر باستقرارها وأمنها ومعيشتها لكي تحكم بالديموقراطية ولم تثر للتداول السلمي للسلطة ولم تدفع دم أبنائها لحازم أبو اسماعيل أو خيرت الشاطر أو المجلس الانتقالي الليبي أو غيرهم ممن ركبوا جناح الثورة لتحقيق مصالحهم الضيقة، الشعوب العربية خرجت لغاية واحدة وهي الحكم الصالح القوي الأمين الذي يحفظ الحقوق ويؤدي الواجبات ويمنع الشر والمخاطر عن بلده ويحقق العدالة الاجتماعية والتنمية الحقيقية للإنسان والمال، والحكم الصالح ليس بالضرورة ديموقراطي ولا يكون بالتداول السلمي للسلطة وإنما تلك وسائل جعلها تجار الثورة غايات خدعوا بها أنصارهم وأتباعهم مما ترتب عليه حالة الفوضى العارمة والمستقبل المجهول حتى إن الشعوب باتت تحتاج أضعاف ما كانت تحتاجه قبل الثورات بسبب فساد تجار الثورات.
أكثر دولة نموذجية ومتطورة هي سنغافورة وهي لا تعرف الديموقراطية ولا التداول السلمي للسلطة ويحكمها النظام الاستبدادي الفردي ولكن رزقها الله بالحاكم الصالح ولم يرزقها بالإخوان ... والله أعلم.
[email protected]