صعق العالم بحرق الأسير الطيار الأردني معاذ الكساسبة، رحمه الله، من قبل ما يسمى «داعش»، منظر مروع ادخل الحزن على قلب المسلمين وعلى الإنسانية في كل أنحاء المعمورة، والأكيد دون ريب ولا شك أن هذا العمل الإجرامي لا يمت للإسلام بصلة مهما حاول خوارج العصر ربط ما يقيمون به بأدلة باطلة شرعا، تتنافى مع أبسط قواعد دين التوحيد الإسلام العظيم.
هناك ومع الأسف من يقول لماذا لم يهتز الضمير العربي والإسلامي للقتل في سورية وغيرها من الدول؟ والحق هو أن القتل أيا كان للشعب أو لمجموعة أو لفرد هو قتل وإجرام وخطيئة عظيمة، لذلك غير صحيح أن الضمير العربي والإسلامي لم يدن من القتل في سورية وبورما وغيرها من الدول، فهبت المساعدات الرسمية والشعبية لإخواننا في الإنسانية، لكن هذا لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يجعلنا نتجاهل هذا الإجرام بحق شاب عربي مسلم أسير يحرق، لأن هناك حروبا أهلية في هذه الدول، سبحان الله مالكم كيف تحكمون؟ الإسلام العظيم هو دين الرحمة والرفق، فإذا كان الإسلام قد نهى عن التمثيل بالحيوان، عن ابن عمر رضي الله عنهما: ان النبي صلى الله عليه وسلم لعن من مثل بالحيوان (رواه البخاري)، وفي الحديث المعروف دخلت امراة النار في هرة (قطة) ربطتها فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت هزلا (رواه مسلم)، هذا الرفق والرحمة مع الحيوان، فكيف يكون مع الإنسان، والمعروف والمتواتر أن قريشا قتلوا ونكلوا بالمسلمين وحاصروهم وأذوهم أشد الأذى، وعندما فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة، لم يقابل القتل بالقتل ولا الإساءة بالإساءة، وإنما ضرب أروع مثال للرحمة والإنسانية بالتعامل مع من كانوا أعداءه، فلم يقتلهم ولم يصلبهم ولم يحرقهم، إنما قال: يا معشر قريش ما ترون إني فاعل بكم؟ قالوا خيرا، أخ كريم، فقال: اذهبوا فأنتم الطلقاء. (الألباني).
الإسلام العظيم هو دين البشرية الذي يوازن الحياة بكل جوانبها الروحية والمادية، فرسالة الإسلام هي إلى البشرية تأمر بالعدل والرحمة وتنهى عن الظلم، لقوله تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ـ الأنبياء) كما تدعو الى العيش مع الآخرين في جو إيجابي بين البشر جميعا بصرف النظر عن أجناسهم وألوانهم أو معتقداتهم، فكلنا اخوان في الإنسانية، كما جاء في القرآن الكريم: (يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ـ النساء).
الإسلام العظيم ضمن حقوق الأسرى قبل 1400 سنة، ومنها عدم إكراهه على ترك دينه، وهذا معروف في عصرنا بالحرية الدينية، وضمان المعاملة الحسنة والتكفل بإطعامه لقوله تعالى: (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ـ الإنسان) وأيضا إكسائه في حديث البخاري المعروف، هذا هو الإسلام الذي أرسل به محمد صلى الله عليه وسلم وليس ما تقوم به هذه المجموعات الإرهابية باسم الدين، من قتل وحرق وتنكيل وسرقة وتفجير لدور العبادة، وقتل المسلمين وغير المسلمين.
رحم الله قتلى المسلمين.. وخالص العزاء لأهل الشهيد معاذ الكساسبة.
[email protected]