قد يضع البعض أيديهم على قلوبهم بعد الاستماع إلى كلام صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، والذي خص به رؤساء تحرير الصحف المحلية وبمعنى مباشر «الإعلام» الذي يشكل صناعة للرأي العام الوطني، وعليه تقع مهمة توصيل الرسالة السامية إلى المواطن بالطريقة المثلى، إذ كان بإمكان سموه أن يعلن برنامج حياة جديدة في هذه المرحلة المفصلية وأن يأخذ هذا التوجه السامي إلى مستوى الأمر والقرار وعلى من يعنيهم الأمر أن يقوموا بتنفيذه دون أن يزرع في المواطن قناعة راسخة بأن التحديات تتطلب تضافرا للجهود لوقف الهدر والاتجاه نحو تعدد مصادر الدخل، وان يطلب سموه من الجهات المعنية أن ترفع الدعوم التي سادت منذ عقود من الزمن دون أن يوفر وبواسطة الإعلام القناعة اللازمة للبدء بعملية التقشف التي قد تستغرق وقتا طويلا، لكن سموه أراد أن يشرك المواطن في مثل هذه الخطوات المهمة شرط ألا تكون على حساب الفقير.
إن ما يمكن التركيز عليه في هذا المجال الأمن والأمان اللذان لا يتحققان إلا بنبذ الطائفية البغيضة التي تعتبر من اشد الأدوات تدميرا للمجتمعات من خلال إثارة النعرات والالتحاق بالأجندات الخارجية الجاهزة للتوثب على الكويت في أي لحظة وعند أول زلة فعل سواء كان عفويا أو مقصودا.
الأمر الثالث هو احترام القضاء وان تبقى القضايا داخل أروقته وتحت أقواس العدالة وخارجة عن التداول السياسي والفئوي، وهذه القضية هي أساس لبناء المجتمع والحفاظ على وحدته الأمر الذي يقطع الطريق أمام المتصيدين في المياه العكرة والمتربصين بأمن البلاد الذين يشكلون «أحصنة طروادة» تأخذ البلاد إلى المهاوي التي لا تريد القيادة ولا يريد المواطن الوقوع بها، لأننا إذا عرفنا كيف تبدأ فبالتأكيد لا نعرف كيف وأين ستنتهي.
إن تشديد سمو الأمير على التقشف المحتمل، ومن مفاعيله وقف الهدر سيترك للأجيال المقبلة الثروة التي تمتعنا بها لا أن نترك لهم ديوننا يلهثون لسدادها في عالم لا يعرف إلا الأقوياء، ولا يقبل غير المواطن المنتج بدلا من ان يظل مستهلكا بطريقة عبثية للنعمة التي حبا الله الكويت بها.
وأخيرا وليس آخرا فإن التوقيت الذي اختاره سموه في غمرة الاحتفالات بالعيدين الوطنيين هو توقيت مقصود ويشكل خارطة طريق جديدة للمواطن في مفصل من اهم مفاصل البلاد، وهذا ما يتطلب منا قراءة متأنية بحيث يصبح بالإمكان ولادة مواطن كويتي جديد يبني الوطن بسواعده، ويحافظ على مقدراته وثرواته من الهدر الذي وصل إلى حد النهب، وهذا ما لن نسمح به تحت اي ظرف ودون أي محاباة.
والله ولي التوفيق