فيصل الزامل
«اليوم» تفـتتح جمعـية الإصلاح الاجتـماعي معرضـها السنوي للكتاب، ولكن «بوبدر» لن يكون موجودا في الحفل مـثل كل عام، منذ ان تأسـست هذه الجمـعيـة قبل نحـو 30 عاما.
هذه هي المرة الأولى التي تغـيب فـيهـا يا عمنا، يرحـمك الله، فإن غاب البدن، فـالروح حاضرة، والعزيمة التي كنت توزعـها وأنت تسـير في جنبـات جمـعية الإصلاح لايزال صداها يتـردد في نفوس أعضاء هذه الجمـعية التي اعـتز بالانتساب اليها، والعمل في مجلس إدارتها، يرحمك الله.
لقـد كـان رحـيلك في 3/9/2006 يومـا حـزيـنا للعـمل الخيري في أقطار المعمورة، فقد كنت شخصا عالميا منذ زمن بعيد، عرفوك في كوريا عام 1962 وفي فيتنام عام 1972 وفي أقطار كثيرة، كنت تقـدم لهم المال وما هو أهم من المال، تشير عليهم بإنشاء مطبـعة بدلا من نقل الكتب التي تنفد كميـتها بسـرعة، وتصل بينهم وبين المـصانع الألمانية، تنصحـهم بإقامة الوقف لينفق على المدرسة والمسجد بلا انقطاع.
كنت تاجرا صـدوقا، عرفك الـسوق المحلي بهذه الصـفة، فكان تصدر اسمك لقائمة المتبرعين أهم من علامة «آيزو» في تقييم الجودة التجارية، ففي العـمل الخيري لمشاريع كثيرة كنت أنت فيها الدال على الخير، وأنت فاعله.
كنت تكره العمل السري، فليست الكويت دولة بوليسية، لهـذا كنت تتـجـول مع ضـيوف الجـمـعـيـة تفـتح لهم كل الخـزانات وتشركـهم في اجـتـماعـات اللجـان، وتزيل تلك التصورات الخاطئة عما يجري بداخلها، ولم يكن ذلك يعني مـيـوعة فـي الحق، فقـد كنت فـي المقدمـة في كل قـضـيـة إصلاحية، اشـهـرها كـان إصدار المادة 206 لمنع الاتجـار بالخمور في الكويت في الستينيات، وها هي الكويت بفضل الله تنعم بانخفـاض تأثير هذه الآفة التي تعـاني منها دول كثـيرة تتصـدر الخمور فـيها أسـباب الحوادث والوفـيات والتفكك الأسري، ولا ينكر ذلك حتى معارضوك، فالأرقام لا تكذب.
يرحمك الله يا عمنا كنت الاطفائي في الازمات، وأشهرها مؤتمر جدة، يوم ان كـنت مع آخرين سببا في جـمع الكلمة، ورأب الصدع، وكـانت تلك هي القنطرة السيـاسية للعـبور الى التحرير وكنت انت الاطفائي لخلافات كثيرة يرجع فيها إليك من ضاقت بهم اسباب اللقـاء، فكنت الجامع لهم، فجمع الله بك الشمل داخل الكويت وخارجها.
وفيمـا يتعلق بالخارج، فقـد كانت لك وقفة صـريحة مع حركات إسلامية خذلت الكويت إبان الاحتلال، بل حتى في مواقف أخرى عديدة معها قلت عنها: «الإخوان المسلمين لهم آراؤهم حسب ظروف مجتمـعهم، ونحن لنا آراؤنا الخاصة بنا أيـضـا في الـكويت، ولا نلتــزم بشيء لا يـتـفـــق مع احتيـاجات بلدنا ورؤيتنا، فلنا تقييـمنا الخاص، وهـــناك أعـمال عـامـة مشـتـركة مـعـهم ومع جمـيع الجـماعـات الإسلامية» انتهى.
لقد كانت لك رؤيتك الثاقبة في السياسة المحلية، وخالفك من خـالفك ولم يمر عـام على رحـيلك حتـى أدرك أكثر من خالفك صواب رأيك، بعد أن أكدت الأحداث له ذلك.
يرحـمك الله يا عمنـا، اللهم أجرنا في مـصـيبـتنا بفقـد عـبدالله العلي المـطوع خيـرا، واخلفنا خـيرا منه، واجـعل مثواه الجنة مع النبيين والصديقين وحسن أولئك رفيقا.
اللهم آمين