فيصل الزامل
سؤال، لماذا تجـاوب المواطنون بشكل رائع مع حملة إزالة المخالفات، وبادر أكثرهم إلى الإزالة، وأكملت جـهات الاختـصاص مهـامهـا بنجاح منقطع النظير؟ إن الحزم والعزم شيء، والتردد في اتخاذ الـقرار ثم التردد في تنفيذه إذا اتخذ، شيء آخر تماما.
الناس تتجاوب مع القرار الذي ينفذ بشكل عادل وشامل، ويبدأ بالكبير قبل الصغير، وإذا لمسوا أن هناك استعدادا للارتخاء وانتقائية في التنفيذ، انهارت الأرضية التي تقف عليها الأجهزة التنفيذية.
لنأخذ البلدية كمثال على التردد، حيث تجـد عمارة مرخصة 30 طابقا، وسط 20 عمارة أخرى لم يتم الترخيص لها، ما يجعل الشكل الـعام لافتا للنظر، ناهيك عن غياب العدالة مع من لم يعاملوا بالمثل.
لقد رفضت البلدية الترخيص لمجمع «أفنيوز» بالحصول على منفذ من الدائري الخامس، ولولا توجيـه صاحب السمو الأمير ـ عندمـا كان رئيسا للوزراء ـ لدراسـة الأسلوب الآمن عبر لجنـة تجمع سائر التـخصـصات لتعـرقلت حركة هذا الجمع الذي يمـثل اليوم إضافة جـديدة في النشاط الاقتـصادي، تضـاف إلى بقـية المرافق الناجـحة التي اسـتطاعت ـ بشق النفس ـ أن تجتاز الروتين الحكومي.
مثال آخر للتردد في اتخاذ القـرار، حيث اتخذ مجلس الوزراء قرارا عام 2005 بإنشاء مـبنى جديد للركاب في مـطار الكويت للتجاوب مع مـعدل النمـو الكبير في الحـركة بواقع 12% سنـويا، في عدد الركاب ـ كـانت في حدود 6% قبل قـرار فتح الأجواء ـ وبدأ تنفيذ القرار للإفادة من المساحات الشاسعة، حـيث لم تتم الإفادة حتى الآن إلا من 10% فقط من ارض المطار، فجأة اتخذ المجلس البلدي قرارا مناقضا لقرار مجلس الوزراء، بنقل المطار من مـوقعـه الحالي، بـسبب اتخـاذ «هذا المجلس» قـرارا بإنشاء منطقـة سكنية جـديدة بقرب المطار، رغم أن محيط المطار، وارض المطار مـصنفة كموقع تنقيب عن النفط، ولا تصلح للسكن إلى أمد بعيد.
إذن، بدلا من تعـديل القـرار الخـاطئ لموقع إنشاء المنطقـة السكنيـة الجديدة (عبـدالله مبارك) ونقلها الى المكان المنـاسب، وهي لا تزال مجرد تصاميم على الورق، رأى من كتب «مسودة قرار» البلدي أن نقل المطار هو الأسهل (. . . )، رغم أن التوسع العـمراني سيستمـر يلاحق أي موقع جديد للمطار، فـهي مـجـرد مـسـألة وقت، هذا نموذج للتـردد، بل وتضـارب القـرارات، وبدلا من أن يصادق مـجلس الوزراء على البلدي، صـرنا نرى العكس، أي أننا انتـقلنا من تداخل الاخـتصـاصات إلى الهـرم المقلوب في السلطات!
إن حفظ هيبة الدولة مرتبط بـأسلوب اتخاذ القرار، والحزم في إصدار القرار ومتابعة تنفيذه، وبقدر ما تتعرض «القرارات» للبلبلة بقدر ما تهتز هيبة الدولة، وهذه مـسؤوليتنا جمـيعا، مواطنين وصحـافة و،قبل ذلك، مسؤولين في شتى المواقع.