فيصل الزامل
أشادت جريدة «الوطن» بدوام الوزير محمد العليم الباكر، ونقلت عن الموظفين قولهم «أول واحد يدخل مـبنى الوزارة وآخر واحد يطلع منه»، وهذا شيء جــيـد لمواجـهــة تحـديات العــمل من قـبل شــخص جـاد ومتخصص.
البعض لا ينظر إلا إلى الـسلبيات، وحـتى الايجابيات يبـحث لها عن جـانب سلبي، فـقد انـتهـيت ذات مـرة من تعـبئـة السـيـارة بالبنزين، واقتـربت من المحاسب، الشـاب، ولفت نظري أن الأرض في فناء المحطة قد تحـولت إلى بساط اصفـر من ورد النوير الجميل التي تفـتحت بكامل بهائها، فقلت للشاب بعد تحيتـه «ما شاء الله، الساحة الخلفية كلها ورد نوير»، فـأجابني وهو يعـد بقيـة النقـود ويمد يده إلي قائلا «شنسـوي بعد، هذي الكويت، حالتنا حالة يا معود، خلها على الله»!
ذهلت وأنا ابتـعد عنه، فـهو «مبـرمج» سلبي وبلغة «السـاتلايت» لا يستقبل أي إرسال ايجابي «مشفر».
هذه الفئة لا تلتقي إلا بكل شيء سلبي، فهي تبحث عنه وستجده «من رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط».
إن المدرسة «السـياسيـة» الشيوعـية تقوم على نشـر السخط، وهي تختلف عن المنهج الإسلامي الذي يتعامل مع النصيحة كواجب يتم أداؤه بطريقة لا تدفع الطرف الآخر إلى المكابرة، أو تحرض الناس على طريقة «هلك الناس. . » فلا يتحقق الإصلاح بقدر ما يحققون «هم» أغراضا ضيقة «لا يكن نهـيك عن مـنكر يأتي بأنكر منه»، وفـي الحـديث «من قـال هلك الناس فهو أهلكهم».
نعم، نحن مـأمورون بإصلاح الاعـوجاج، لكن بحكمـة حتى لا يؤدي مجهود الإصلاح إلى زيادة الفساد.
لهذا، يتساءل بعض الأخوة الخليـجيين «عندكم أفضل أدوات الرقابة في الخليج، وانتم تقولون في صحفكم أن الفساد عندكم لو وزع على أهل الصين لفاض عنهم، كيف تجمعون بين الأمرين؟! ».
ليست المشكلة في نقص القوانين ولا الأجهزة الرقابية، لكنه «أسلوب» التطبيق، الم تر إلى الطبيب الحاذق وعنده أحسن الأجهزة الطبـية لكنه يفشـل بسبب أسلوب «التـمريض» ومـستواه المتـدني؟ الشيء نفـسه في إدارة شؤون الدولة، مـاذا تنفع جودة اختـيار الوزراء ودقـة الرقابة على أعمالهم إذا تخصص البعض في تشـويه أعمالهم؟
قال لي احدهم «هذا هو دور الرقابة»، قلت له «إذا كان الصباغ يصبغ غـرفة في بيتك وراقبته قبل وأثناء أداء العمل وحـاسبـته على الخطأ، فهـذه رقابة سليـمة تنبهـه قبل الخطأ وتحاسبـه بعده، أما أن يكون في بيتك ولد شقي يحـمل سطلا مليئا بالتراب الناعم، وكلما مـر الصباغ بالريشة على الحـائط نثر الولد التراب عليه وافسد عمله، كيف يستطيع هذا الرجل إتقان عمله؟! ».
نعم، هناك فـرق بين الرقـابة وضع الـعصي فـي الدواليب، هذا إذا لم تكن لدى واضع العصي رسـالة ومأمورية لإثبات فـشل المكلف بتشكيل الحكومة، ودفعـه إلى إعادة تشكيلها ثلاث مرات خلال عـام واحد لغاية في نفس يعقوب، ولا عزاء للوطن وزعزعة استقراره وإبطاء مسيرته.